وثالثة : في أن المقدمة التي هي موضوع الداعوية بالنحو المذكور هل يلزم مشاركتها لذيها في الحكم الشرعي المستتبع للداعوية العقلية نحو الفعل ، أو لا؟ فإذا وجب أو استحب شيء شرعا لزم وجوب أو استحباب مقدمته كذلك ، أو لا؟ بل ليست المقدمة إلا موردا للداعوية للعقلية تبعا للداعوية الثابتة لذيها بسبب الحكم الشرعي الثابت له ، من دون أن تكون موردا لحكم شرعي آخر.
وإليه يرجع البحث في الملازمة التي هي موضوع البحث في مقدمة الواجب في كلامهم ، حتى جعلوا البحث في الأمرين من لواحقه. ولا وجه له بعد عدم تفرع البحث فيهما عليه ، كما سبق.
نعم ، قد يحسن لأجل ما ذكروه تقديم البحث فيه على البحث فيهما ، لأنه أقرب لا تساق الكلام فيهما مع كلامهم.
هذا ، وبما ذكرنا من وضوح تبعية المقدمة لذيها في الداعوية يظهر حال ما ذكره شيخنا الأعظم قدّس سرّه ـ وأقرّه عليه غيره ـ من إمكان عدم اقتضاء التكليف بذي المقدمة تحصيل المقدمة ، بل يكفى حصولها من باب الاتفاق ، حيث ظهر امتناع ذلك.
ولو كان هناك مقدمة لا يلزم تحصيلها لزم البناء على كونها شرطا لأصل التكليف بذيها ، فلا يكون التكليف به قبل حصولها فعليا ليقتضي الاتيان به وبها تبعا له ، على ما تقدم التعرض له في مبحث الواجب المشروط من فصل تقسيمات الواجب من المقصد الثاني من مباحث الألفاظ. فراجع.
الأمر الثاني : من الظاهر أن المراد بمقدمة الواجب ما يتوقف عليه وجود الواجب ويكون له الدخل فيه ، ولذا تكون الداعوية للواجب مستلزمة للداعوية إليه.
وقد قسمت في كلماتهم بتقسيمات كثيرة ، بعض الأقسام فيها خال عن