فهذه المسألة تشير إلى تلك الأحكام ، لا إلى حكم واحد ، فلا تكون مسألة فرعية واحدة ، بل مشيرة إلى مسائل فرعية كثيرة.
وحيث كان البحث هنا عن الجهة الجامعة بين المسائل ، ـ وهي الملازمة ـ خرجت عن كونها مسألة فرعية ، لعدم البحث فيها عن الحكم الشرعي ، بل عن أمر عقلي. وتعين كونها اصولية لو كان المعيار في كون المسألة اصولية وقوعها في طريق استنباط الحكم الشرعي الكلي مطلقا وإن لم يكن للحكم المذكور أثر عملي ، أما إذا اختصت بما إذا كان للحكم المستنبط بها أثر عملي خرجت عن كونها اصولية أيضا ، بناء على ما أشرنا إليه آنفا ، ويأتي توضيحه إن شاء الله تعالى من أن الأمر الغيري لا يترتب عليه أثر في مقام العمل ، بل الأثر الثابت معه ثابت بدونه ـ وحينئذ تكون المسألة علمية محضة. فلاحظ.
إذا عرفت هذا ، فاعلم أنهم اختلفوا في ثبوت الملازمة المذكورة وعدمها على أقوال ، من الإثبات مطلقا ، والنفي مطلقا ، والتفصيل.
واللازم النظر في الوجوه التي استدل بها القائلون بثبوت الملازمة ، ثم النظر في حجة المفصلين.
وأقدم الوجوه فيما يظهر هو ما نسب لأبي الحسين البصري ومن تبعه من أنها لو لم تجب لجاز تركها ، فإن بقي الواجب على وجوبه لزم التكليف بالمحال ، وإلا خرج الواجب المطلق عن كونه واجبا.
وقد أطالوا في بيان هذا الوجه ومناقشته ، إلا أن ظهور وهنه يغني عن ذلك ، لوضوح أن عدم وجوب المقدمة شرعا لا ينافي وجوبها عقلا ـ كما يأتي ـ فضلا عن أن يستلزم امتناعها ، ليلزم سقوط التكليف بذيها أو كون التكليف به تكليفا بما لا يطاق.
ومن هنا يلزم النظر فيه بقية الوجوه المذكورة في كلماتهم ، وقد سطر في الفصول والتقريرات وجوها كثيرة لعل أهمها وجهان ، لأن باقي الوجوه بين ما