موضوعه فلا محذور في التعجيز قبل الوقت ، حيث لا يتحقق معه موضوع التكليف ويكون مانعا من تمامية ملاكه وغرضه ، فلا يلزم من التعجيز عنه تفويت ملاك فعلي.
بل قد يجوز التعجيز في الوقت ، كما لو كان العجز فيه موجبا لارتفاع الموضوع والملاك بعد ثبوتهما ، حيث لا يقبح عقلا رفع موضوع التكليف وملاكه ، كما لو سافر الصائم فساغ له الإفطار ، وإنما القبيح تفويت الملاك مع فعليته وتمامية الموضوع ، وهو غير لازم في الفرض.
ومن هنا يجوز تعجيز المكلف نفسه عن الحج قبل ملك الزاد والراحلة ، وعن التصرف بالمال الزكوي قبل حلول الحول.
وعليه يبتني ما تضمن من النصوص جواز إجناب المكلّف نفسه مع عدم الماء على كلام لا يسعنا استقصاؤه ، بل هو موكول للفقه. فلا مجال لتوهم منافاة ذلك لما ذكرناه هنا في توجيه وجوب المقدمات المفوتة مطلقا.
خاتمة
ذكرنا في أول الفصل أن موضوع المسألة في تحرير الاصوليين لها هو مقدمة الواجب ، وأنه يظهر من مطاوي كلماتهم في الفقه والأصول المفروغية عن عموم جهات الكلام فيها المقدمة المستحب.
وأما مقدمة الحرام والمكروه فالظاهر مشاركتها لمقدمة الواجب والمستحب في بعض جهات الكلام المتقدمة.
وتوضيح ذلك : أن الظاهر مشاركة مقدمة الحرام والمكروه لمقدمة الواجب والمستحب في حدوث الداعي للترك ، فكما يكون حدوث الداعي لفعل الشيء مستتبعا لحدوث الداعي المسانخ له لفعل مقدمته كذلك يكون حدوث الداعي لترك الشيء مستتبعا لحدوث الداعي المسانخ له لترك مقدمته.