المنشأ للكلام في الدلالة اللفظية الالتزامية.
هذا ، وينبغي التمهيد لمحل الكلام بأمرين ..
الأول : أن محل الكلام في المقام الضد المستلزم لمعصية الأمر ، لكون الأمر مضيقا يقتضي صرف القدرة الفعلية لامتثاله وينافيه صرفها في ضده ، دون الموسع الذي لا يقتضي إلا صرف القدرة في بعض الوقت إليه من دون أن ينافيه صرف القدرة في بعضه الآخر إليه. ووضوح ذلك يغني عن إطالة الكلام في توجيهه.
الثاني : حيث كانت نتيجة المسألة متضمنة لحكم الضد شرعا صح منهم عدها من مسائل الاصول بناء على المعيار المتقدم للمسألة الاصولية ، إلا أن من الظاهر أن الحرمة المدعاة للضد ليست بنفسها موردا للأثر العقلي من العقاب بالمخالفة والثواب بالموافقة. حيث لا إشكال ظاهرا في أنها في طول الأمر بالضد في الغرض والطاعة والمعصية.
ولذا لا يظن من أحد البناء على استحقاق فاعل المأمور به وتارك ضده لثوابين ولا استحقاق تارك المأمور به وفاعل ضده لعقابين ، ولذا لا تكون النتيجة المذكورة مهمة في مقام العمل ، نظير ما تقدم في مسألة مقدمة الواجب.
فالظاهر أن ثمرة المسألة العملية عندهم ـ كما صرح به بعضهم ـ هو امتناع التعبد بالضد والتقرب به ، فيبطل لو كان عبادة ، بناء على ما يأتي في الفصل السادس إن شاء الله تعالى من اقتضاء النهي في العبادة الفساد.
لكن الثمرة المذكورة لا تتوقف على حرمة الضد شرعا ، بل يكفي فيها كونه تمردا على المولى ولو لم يكن محرما شرعا ، كما يتضح فرضه في ما يأتي.
ومن هنا لا يكون بحثهم في المسألة عن حرمة الضد مناسبا للثمرة التي حررت لأجلها. ولعل لذلك دخلا في اضطراب بعض كلماتهم في المقام ، فكان نظر القدماء في إثبات اقتضاء الأمر بالشيء للنهي عن ضده في بعض الموارد