الى كون فعل الضد تمردا على المولى ومخالفة لأمره ، لاختلاط ذلك عليهم بالنهي عن الضد ، ونظر المتأخرين في نفي الاقتضاء في ذلك إلى تحقيق مفهوم الأمر والنهي والتدقيق في مفادهما ومقتضاهما مع إغفال حال الثمرة التي ذكرناها ، وعمد التنبيه إلى أن نفي الاقتضاء لا ينافي ترتبها.
ومن هنا كان المناسب لنا في هذا البحث الجمع بين الأمرين بالبحث عن اقتضاء الأمر بالشيء النهي عن ضده وعدمه لمتابعتهم في تحرير محل النزاع ، وعن ترتب الثمرة المذكورة ، لكونه الغرض المهم من النزاع.
بقي في المقام شيء ، وهو أنه لا بد في ترتب الثمرة المذكورة من أمرين :
أحدهما : تمامية ملاك الأمر بالعبادة مع الأمر بالضد ، ليمكن صحتها في نفسها ـ لو لا التمرد على المولى اللازم منها ـ بالتقرب بقصد أمرها الأصلي أو الترتبي ـ على القول به ـ أو قصد الملاك المذكور ـ أما لو استلزم فقدها للملاك وخروجها عن الطبيعة المأمور بها ذاتا فبطلانها لعدم المقتضي لا للمانع وهو كونها ضدا للمأمور به.
وتمييز أحد الأمرين يبتني على ما يذكر في مبحث التزاحم ويأتي بعض الكلام فيه في مسألة اجتماع الأمر والنهي إن شاء الله تعالى.
ثانيهما : التفات المكلف للجهة الموجبة لكون الفعل تمردا على المولى ، بل يكفي اعتقاده بذلك خطأ ، أما مع الغافلة عنها فلا يمتنع التقرب بالعمل ولو مع وجودها واقعا ، كما هو ظاهر.
إذا عرفت هذا فالكلام في تحرير محل النزاع ومورد الثمرة المذكورة يكون في ضمن امور ..
الأمر الأول : سبق منا في مقدمة المقصد الثاني في الأوامر والنواهي من مباحث الألفاظ أن الأمر والنهي متقابلان مفهوما واقتضاء ، فالأمر بالشيء نحو إضافة تقتضي فعله ، والنهي نحو إضافة تقتضي تركه ، كما أنه تقدم في مقدمة