السابق من اختصاص الوجوب المقدمي بالمقدمة الموصلة ، بتقريب : أنه إذا كان ترك الضد مقدمة للواجب ، كان الواجب الغيري هو تركه الموصل لفعل الواجب ، لا مطلق تركه ، فيكون الحرام ترك الترك الموصل ، لا فعل الضد وإن كان فعله لازما للترك المذكور ، لأن الترك المذكور إما أن يكون بالترك غير الموصل أو مع الفعل.
وقد أطال قدّس سرّه هو ومن بعده الكلام في ذلك نقضا وإبراما بما لا يسع المقام استقصاءه. إلا أنه حيث ذكرنا أن المعيار في الثمرة ليس على النهي الشرعي ، ليهتم بتحديد موضوعه ، بل على كون الفعل تمردا على المولى ، فالمرتكزات العرفية والعقلائية حاكمة بما سبق منا من أن داعوية الواجب النفسي للترك في الفرض موجبة لكون الفعل مخالفة لمقتضى الداعوية المذكورة وتمردا على المولى فلا يمكن التقرب بالفعل.
ولذا لا ينبغي التأمل في امتناع التقرب من المتطهر بفعل سبب الحدث ـ كالجماع ـ مع تضيق وقت الصلاة ، بحيث لا يسع الطهارة لها ، وما ذلك إلا لتوقف الصلاة الواجبة على ترك سبب الحدث ، فيكون مخالفة لمقتضى وجوبها وتمردا على المولى ، ووضوح ذلك يغني عن إطالة الكلام فيه.
ومن هنا كان الظاهر عدم دخل المقدمتين الاوليين في ترتب الثمرة المهمة لمسألة الضد ، وهي امتناع التقرب بالضد وفساده لو كان عبادة ، بل يكفي فيها المقدمة الاولى وهي مقدمية ترك الضد لفعل ضده.
ولذا اهتم جماعة من الأعيان بالكلام فيها وجعلوه من أهم مباحث المسألة ، وهو ما يأتي إن شاء الله تعالى.
الأمر الرابع : وقع الكلام بينهم في توقف وجود الشيء على عدم ضده الراجع لمقدمية عدم الضد للواجب ، وقد أطالوا الكلام في المقدمية المذكورة وجودا وعدما ، وأصر جماعة على امتناعها ولزوم المحاذير العقلية منها.