الأعاظم قدّس سرّه ، وأوضحناه عند الكلام في معيار التزاحم من مقدمات مبحث التعارض. فراجع.
وإن ابتنى الاستلزام المذكور على قصور الأمر بها خطابا مع بقاء الملاك ، مع البناء على توقف العبادية على قصد الأمر الفعلي فيظهر ضعفه مما تقدم في مبحث التعبدي والتوصلي من أن معيار العبادية التقرب بقصد ملاك المحبوبية ، وأن قصد الأمر راجع إليه لكشف الأمر عن الملاك ، فمع فرض ثبوته في المقام يكفي قصده في التقرب المعتبر في العبادية ما لم يمنع منه وقوع الفعل على نحو التمرد على المولى ، لكونه منهيا عنه ، أو لكون تركه مقدمة لواجب نفسي فعلي ، وهو الذي يرجع إليه الكلام في هذه المسألة ، ولازم ذلك ابتناء بطلان العبادة على الكلام في هذه المسألة.
وأما ما ذكره من استلزام الأمر بالضد عدم الأمر بضده الآخر فهو يتم في الجملة مع كون الأمر بالضد الآخر مزاحما له لا يمكن الجمع بينهما في مقام الامتثال ، إذ مع فرض فعلية أحدهما لأهميته بتعين سقوط الآخر وعدم فعليته في عرضه لامتناع التكليف بغير المقدور.
نعم ، وقع الكلام في إمكان الأمر به في طول الأمر الفعلي المفروض بالأهم بنحو الترتب ، ويأتي تحقيقه في الأمر السادس إن شاء الله تعالى.
وإنما الإشكال فيما لو لم يكن الأمر بالضد الآخر مزاحما للأمر الفعلي المفروض ، لإمكان الجمع بينهما في مقام الامتثال بامتثال الأمر بالضد الآخر بفرد لا يزاحم الضد المأمور به فعلا ، ما لكونه موسعا ، كما لو وجبت المبادرة لتطهير المسجد مع سعة وقت صلاة الواجبة ، حيث يمكن الجمع بين الامتثالين بتطهير المسجد ثم الصلاة ، أو لكونه مضيقا ذا فردين فرد مضاد للواجب الفعلي يتعذر جمعه معه وأخر غير مضاد له كما لو وجبت المبادرة لتطهير المسجد وضاق وقت الغسل للصلاة ، إلا أنه يمكن الغسل تارة : بنحو يتحقق معه تطهير