مزاحما للأمر الفعلي المذكور ، لتعذر الجمع بينهما في مقام الامتثال.
هذا كله بناء على عدم اقتضاء الأمر بالشيء النهي عن ضده ، بل مجرد سقوط أمره. وأما بناء على اقتضائه له ففي منافاة النهي المذكور للأمر بالضد مطلقا أو في خصوص صورة المزاحمة ، لانحصار الضد المأمور به بالفرد المنهي عنه ، أو عدم منافاته له مطلقا ، كلام يأتي في مبحث اجتماع الأمر والنهي إن شاء الله تعالى.
الأمر السادس : حيث سبق سقوط الأمر بالضد في فرض فعليه الأمر بضده مطلقا أو في فرض التزاحم بين الأمر وتعذر الجمع بينهما في مقام الامتثال فالمتيقن من ذلك سقوطه في الجملة ، بمعنى عدم بقائه على النحو الذي كان عليه بحسب أصل تشريعه من الإطلاق بنحو يقتضي ثبوته ولزوم امتثاله ولو مع مخالفة الآخر ، لأنه مناف لفرض فعلية الآخر ولزوم امتثاله.
أما سقوطه مطلقا فهو محل كلام بينهم ، حيث اشتهر في العصور المتأخرة الكلام في ثبوته بنحو لا يقتضي معصية الآخر ، بل في طولها وبنحو الترتب بينهما مع فعليته في ظرف فعلية الآخر ، بحيث يمكن قصد الامتثال بمتعلقه ويصح لو كان عبادة وإن قيل بعدم كفاية قصد الملاك في التقريب المعتبر في العبادة.
والكلام المذكور وإن حرر في كلمات المتأخرين في مسألة الضد المفروض فيها التزاحم بين الأمرين تبعا للتضاد بين متعلقيهما ، إلا أن ملاكه لا يختص بذلك ، بل يجري في النهيين المتزاحمين تبعا لامتناع ترك متعلقيهما معا ، وفي الأمر والنهي لو فرض التلازم بين متعلقيهما بحيث لا يمكن فعل متعلق الأمر وترك متعلق النهي. فهو من مباحث التزاحم بين التكليفين الذي لم يختص في كلامهم بباب يبحث عنه وعن أحكامه بل صار البحث فيه وفي أحكامه متفرقا في الأبواب المناسبة لكل منها.