التنبيه الأول : أشرنا في مطاوي الكلام السابق إلى اختصاص مورد كلامهم بصورة وجود المندوحة وإمكان امتثال الأمر بغير المجمع ، حيث لا إشكال في بقاء الأمر فعليا حينئذ مطلقا وإن قيل بالامتناع ، لعدم مزاحمته للنهي ، ولزوم تقديم النهي عملا في المجمع ، لأنه تعييني ، فلا يمكن استيفاؤه مع استيفاء الأمر التخييري بفرد آخر.
ومعه لا حاجة في تقديم النهي إلى وجه آخر إثباتي راجع للأدلة ، أو ثبوتي راجع للحكم نفسه بلحاظ أهميته ، وإن أطال غير واحد الكلام في ذلك.
أما في صورة عدم المندوحة وانحصار امتثال الأمر بالمجمع فيلزم التزاحم بين الحكمين ، ويتعين تقديم الأقوى منهما تبعا لقوة ملاكه ، على ما هو المقرر في التزاحم ، ولا يكون الأضعف فعليا حتى بنحو الترتب ، للغوية الخطاب به معلقا على معصية الآخر المستلزمة لموافقته هو ، لرجوعه لطلب الحاصل.
نعم ، لو كان الأرجح هو النهي فربما يدعى إلزام العقل في ظرف عصيانه باختيار الفرد الواجد لملاك الأمر وإن لم يكن مأمورا به ، وأن غيره من الأفراد أشد محذورا أو عقابا ، لما فيه من تفويت كلا الملاكين ، فلو انحصر تطهير المسجد بالماء المغصوب ، وفرض أهمية حرمة الغصب من وجوب التطهير ، فإذا عصى المكلّف واستعمل الماء المذكور كان استعماله في غير التطهير أشد محذورا وعقابا بنظر العقل من استعماله في التطهير.
لكن لا مجال للتقرب بالفرد المذكور ، لما سبق من مانعية تحريم الفعل من قصد التقرب به ، فلا يصح لو كان الأمر عباديا.
التنبيه الثاني : أشرنا في آخر المقام الأول إلى استدلال بعضهم على جواز اجتماع الأمر والنهي بالعبادات المكروهة ، كالصلاة في الحمام وصوم يوم عاشوراء وغيرهما.