الفصل السّادس
في اقتضاء النهي الفساد
إن عدّ هذه المسألة من مسائل الملازمات العقلية يبتني على ما هو الظاهر منهم من عدم الفرق في محل الكلام بين استفادة النهي من دليل لفظي واستفادته من غيره ، حيث يظهر من ذلك أن موضوع البحث هو الملازمة ثبوتا بين النهي والفساد ، لا إلى ظهور دليل النهي في الفساد إثباتا.
نعم قد ينافي ذلك ذهاب بعضهم ـ كما قيل ـ إلى دلالة النهي على الفساد في المعاملات مع إنكار الملازمة بينه وبين الحرمة فيها.
قال سيدنا الأعظم قدّس سرّه : «فلو كان البحث في المقام عن الملازمة التي لا مساس لها باللفظ لا عن الدلالة التي هي من أحواله ، كان اللازم عدّ القول المذكور من القول بالنفي ، لا قولا بالإثبات ، كما صنعوا».
ومن ثم قد يظهر من المحقق الخراساني قدّس سرّه عدّ البحث في المسألة من مباحث الألفاظ الراجعة لمقام الدلالة.
لكن لا مجال لرفع اليد عما سبق بعد عدم أهمية القول المذكور ، وقرب كون منشئه دعوى الملازمة الشرعية لظهور بعض النصوص في ذلك ، ولذا يبعد منه تخصيصه بما إذا استفيد النهي من دليل لفظي ، فيخرج عن مباحث الألفاظ.
ومن هنا كان الأولى إدخال المسألة في الملازمات العقلية ، وعدّ القول المذكور قولا بالنفي ، فإنه أجمع لشتات البحث ، وأولى بنظمه.
إذا عرفت هذا فاعلم : أن محل كلامهم العبادات والمعاملات وقد تقدم