كما أنه لا يناسب سياق عصيان الله تعالى بعصيان السيد مع عدم فرض سبق النهي من السيد الذي يتوقف عليه عصيانه التكليفي.
ومن هنا كان الظاهر ما ذكره المحقق الخراساني قدّس سرّه ونسب لجماعة ـ منهم الوحيد والمحقق القمي قدّس سرّهما ـ من حمل العصيان في المقام على العصيان الوضعي المنتزع من إيقاع المعاملة على خلاف الوجه المشروع لها الذي به يترتب أثرها.
ويرجع مضمون الحديث إلى أن مخالفة المشروع إن كان بايقاعها على وجه لم يشرعه الله تعالى أصلا ، كالنكاح في العدة ـ وهو المراد بمعصية الله تعالى ـ فهو يبطل رأسا ولا يقبل التصحيح.
وإن كان بإيقاعها على وجه شرعه الله تعالى ذاتا ، وإنما لم ينفذ لمخالفته مقتضى سلطنة الغير ، كالمولى ـ وهو المراد بمعصية السيد ـ أمكن تصحيحه برضا من له السلطنة وإجازته ، لارتفاع المانع معه من النفوذ ، حيث يكون النفوذ حينئذ مقتضى السلطنة ، على ما يذكر في محله من مبحث العقد الفضولي. فتكون النصوص أجنبية عن محل الكلام من النهي التكليفي.
تنبيهان
الأول : قال في التقريرات : «حكي عن أبي حنيفة والشيباني دلالة النهي على الصحة ، والمنقول عن نهاية العلامة التوقف ، ووافقهما فخر المحققين في نهاية المأمول ، وأحال الأمر على شرح التهذيب».
وقد نقل فيها وجهين للاستدلال. يرجع أولهما إلى اعتبار القدرة في متعلق النهي مع قطع النظر عنه.
والثاني : إلى لزوم صحة متعلق النهي ، لعدم الفرق بينه وبين متعلق الأمر.
لكن الأول ـ كما ترى ـ لا يقتضي القدرة بعد النهي ، ليتوهم منافاتها للبطلان.