على أنه لو اعتبرت القدرة على المتعلق حتى بعد النهي عنه ، فلا ينافيها البطلان بناء على الأعم ، لصدق العنوان المنهي عنه مع البطلان على المبنى المذكور.
وأما بناء على الصحيح فمتعلق النهي وإن لم يكن مقدورا إلا مع الصحة ، لتوقف عنوانه عليها ، إلا أن متعلق النهي هو الصحيح لو لا النهي ، لا مطلقا ولو بعد النهي ، لتقدم الموضوع على حكمه رتبة ، والظاهر أن المتعلق المذكور مقدور بعد النهي ولو صار فاسدا بسببه ، فمثلا : لو فرض توقف صدق الصلاة على الصحة ، إلا أن متعلق النهي ليس هو إلا ما يصدق عليه الصلاة قبل النهي ، وهو مقدور بعد النهي وإن خرج عن كونه صلاة لفساده.
ومنه يظهر اندفاع الثاني ، لأن متعلق الأمر كتعلق النهي ليس إلا ما يصدق عليه العنوان مع قطع النظر عن حكمه وفي رتبة سابقة عليه ، وهو لا ينافي صحته أو فساده في رتبة متأخرة عنه حتى لو كان العنوان متوقفا على الصحة ويتوقف عليها صدقه ، بل الأمر في العبادات أظهر بناء على توقف صحتها على الأمر ، حيث لا يكون متعلق الأمر فيها هو الصحيح الفعلي لو لا الأمر ، بل هو الصحيح الاقتضائي لولاه ، فمع كونه هو موضوع النهي لا ملزم بصحته. ومن ثم لا مجال للبناء على الكبرى المذكورة ، ولا مخرج عما سبق.
الثاني : محل الكلام في العبادات والمعاملات هو النهي التكليفي عن نفس للعبادة أو المعاملة المستتبع للعقاب عليهما ، لا النهي الوارد للإرشاد لبطلان العمل وعدم إجزاءه أو عدم نفوذه ، كنهي المكلف عن الصلاة في ما لا يؤكل لحمه ، وعن بيعه ما ليس عنده ، حيث لا إشكال حينئذ في دلالته إثباتا على الفساد ، بل هو المفروض ، مع استناد الفساد ثبوتا لعدم تمامية الملاك ، لا للنهي نفسه. كما أن النهي المذكور لا يقتضي التحريم التكليفي للعمل.
ومثله النهي عن ترتيب الأثر ، كالنهي عن أكل الثمن ، فإنه وإن أمكن أن يكون تكليفيا بالإضافة إلى ترتيب الأثر ، إلا أنه لا يكون تكليفيا بالإضافة إلى