هذا حاصل ما قد يوجه به كلام المحقق الخراساني قدّس سرّه. ولعله أقرب إلى كلامه من الوجه السابق ، لظهور كلامه في أن تقديم الخاص لأنه أقوى الدليلين ، لا لأنه رافع لموضوع حكم العام. كما شيد هذا الوجه غير واحد من مشايخنا على اختلاف منهم في بيانه.
لكنه يشكل ..
أولا : بأن مرجع ذلك إلى رفع اليد عن أصالة الجهة في العام ، وليس هو بأولى من رفع اليد عن أصالة الظهور والحقيقة فيه بحمله على الاستعمال في الخصوص.
بل لعل العكس هو الأولى ، وأن أصالة الجهة مقدمة على أصالة الظهور ، ولذا كان بناء أهل الاستدلال على عدم حمل أحد الدليلين على التقية إلا مع تعذر الجمع عرفا بينهما بالتصرف في ظهور أحدهما أو ظهورهما معا ولو بنحو يلزم المجاز.
على أن رفع اليد عن أصالة الجهة في العام ليس بأولى من رفع اليد عنها في الخاص ، بحمله على التقية أو نحوها ، لأن أقوائية الخاص ليست من حيثية جهة ، بل من حيثية ظهوره ، وذلك إنما يقتضي تقديمه على العام من حيثية الظهور مع المحافظة على أصالة الجهة فيهما معا ، لا تقديمه على العام من حيثية الجهة مع المحافظة على أصالة الظهور فيهما معا ، كما هو مقتضى هذا الوجه.
وثانيا : بأن هذا الوجه لا يصلح لتوجيه الرجوع للعام المخصّص عند الشك في زيادة التخصيص بعد فرض منافاة الخاص له ، لأنه قد اخذ فيه مفروغا عنه ، حيث كان غرضا من العام لم ينظر في وجه ترتبه عليه ، لما تقدم من أن ترتبه عليه بعد البناء على هذا الوجه مقتضى فرض كون الغرض من العام ضرب القاعدة. فهو أشبه بالقضية بشرط المحمول لا تتكفل ببيان وجه ترتب المحمول.