لأن الإعسار في الآية الأولى علة الإنظار (التأخير) وبالميسرة تزول العلة ، فيطالب بالدين ، ولا داعي للإنظار معها ، ولأنه في الآية الثانية لو دخل الليل في حكم الصيام للزم الوصال ، وهو غير مشروع في حقنا.
وقوله تعالى : (إِلَى الْمَرافِقِ) و (إِلَى الْكَعْبَيْنِ) لا دليل فيه على أحد الأمرين ، فقال الجمهور بوجوب غسل المرافق والكعبين ، احتياطا في العبادات ، ولأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
والفرض الثالث ـ المسح بالرأس :
وفي مقدار المسح خلاف ، فقال الشافعي : يكفي أقل ما يطلق عليه اسم المسح ، ولو شعرة في حد الرأس. وقال مالك وأحمد : يجب مسح كل الرأس أخذا بالاحتياط. وقال أبو حنيفة : الواجب مسح ربع الرأس ، لأن المسح إنما يكون باليد ، ومحلها يقدر في الغالب بالربع ، ولأنرسول الله صلىاللهعليهوسلم توضأ ومسح على ناصيته. لكن ثبت في السنة ما يؤيد أيضا مذاهب الأئمة الآخرين. والأظهر أن الباء للإلصاق ، وقيل للتبعيض ، والحق أن هذا مجمل يرجع في بيانه إلى السنة.
وقد قال المالكية والحنابلة : الباء هنا زائدة ، لأن التركيب يدل على وجوب مسح كل الرأس ، فيمسح الكل احتياطا. وقال الحنفية والشافعية : الباء هنا للتبعيض ، كما في قولنا : مسحت يدي بالحائط أي مسحت اليد ببعض الحائط ، فيحمل قوله : (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ) على بعض الرأس عملا بدلالة حرف الباء ، لكن الحنفية قدروا البعض بثلاث أصابع أو بربع الرأس. والشافعية قدروه بأقل ما يطلق عليه اسم المسح.
والجمهور على أن المسحة الواحدة تجزئ. وقال الشافعي : يمسح رأسه ثلاثا ، والأحاديث تدل على تكرار أفعال الوضوء ثلاثا ، أما المسح فلم يذكروا فيه