هذا كله في حال التعدي والعمد ، أما في حال الخطأ فتجب الدية أو بعضها أو التعويض المقدر قضاء.
ثم أشار الله تعالى إلى العامل الإنساني وهو العفو والصفح والتسامح ، فقال : (فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ) أي تصدق بحقه في القصاص وعفا عن الجاني ، فالتصدق كفارة له ، يكفر الله بها ذنوبه ويعفو عنه : (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى) [البقرة ٢ / ٢٣٧]. وروى الطبراني عن عبادة بن الصامت رضياللهعنه أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «من تصدق بشيء من جسده أعطي بقدر ما تصدق» وهو حديث حسن.
ومن أعرض عما أنزل الله من القصاص القائم على العدل والمساواة بين الأشخاص ، فهو من الظالمين الجائرين الذين يظلمون أنفسهم وغيرهم ، ويتعدون حدود الله ، ويضعون الشيء في غير موضعه.
وهنا تساؤل : أي فائدة في ذكر الظلم بعد الكفر ، والكفر أعظم من الظلم ، والظلم أخف منه؟ والجواب : أن الكفر تقصير في حق الخالق سبحانه ، والظلم تقصير في حق النفس (١).
ثم بين تعالى أن التوراة شريعة أنبياء بني إسرائيل ، فقال : وأتبعنا على آثار أنبياء بني إسرائيل بعيسى ابن مريم ، فهو آخر نبي لليهود ، مصدقا للتوراة التي تقدمته قولا وعملا أي مقرا بأنه كتاب من عند الله وأنه كان حقا واجب العمل به ، يعمل بها فيما لم يغاير الإنجيل ، قال عيسى عليهالسلام : «ما جئت لأنقض الناموس (شريعة التوراة) ولكن لأكمل أو لأتمم» أي لأزيد عليها بعض الأحكام والمواعظ.
__________________
(١) تفسير الرازي : ١٢ / ٨