المناسبة :
لما ذكر تعالى ما حرّمه في الآية المتقدّمة من الخبائث الضارّة لمتناولها ، إما في بدنه أو في دينه أو فيهما ، واستثنى ما استثناه في حالة الضرورة ، قال بعدها : (يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ ، قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ) ، وهي مثل الآية المذكورة في سورة الأعراف في صفة محمد صلىاللهعليهوسلم : أنه (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ) [٧ / ١٥٧].
التفسير والبيان :
يسألك المؤمنون يا محمد ، ما ذا أحلّ الله لهم من الطعام واللحوم؟ قل : أحلّ لكم الطيبات ، أي ما تستطيبه النفوس السليمة الفطرة ، وهي غير الخبائث ، وأحلّ لكم صيد الجوارح (الكواسب) المعلّمة.
أما الطيّبات : فهي ما عدا المنصوص على تحريمه في القرآن وهي المحرّمات العشر المتقدّمة ، وما أضيف إليها في السّنة النّبوية ، روى أحمد ومسلم وأصحاب السّنن عن ابن عباس : «نهى رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن أكل كلّ ذي ناب من السّباع ، وكلّ ذي مخلب من الطّير». ورووا أيضا عن أبي ثعلبة الخشني : «كلّ ذي ناب من السّباع فأكله حرام». فأصبح أن ما لم يرد به نص نوعان : حلال طيب ، وحرام خبيث. والعبرة في الاستطابة والاستخباث : ذوق العرب في الحجاز.
والسبع عند أبي حنيفة : كل ما أكل اللحم. وعند الشافعي : ما يعدو على الناس والحيوان.
وبناء عليه : كلّ أنواع حيوان البحر حلال طيب ، سواء أكل العشب أو أكل اللحم. وحيوان البرّ يصاد منه ما يؤكل ما عدا سباع الوحش والطير. ولا يحلّ أكل ما يعيش في البرّ والبحر كالضفدع والتمساح والثعبان والسلحفاة ، للاستخباث وسمّ الثعبان.