٥ ـ التّقول على الله بغير علم ولا حجّة : كالافتراء والكذب على الله ، بادّعاء أنّ له ولدا ، أو شريكا من الأوثان : (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ) [الحج ٢٢ / ٣٠] ، وتحليل الحرام وتحريم الحلال بلا سند ولا حجّة ، وهو القول بالرّأي المحض دون دليل من الشرع ، وهو سبب تحريف الأديان ، والابتداع في الدين الحق ، واتباع الهوى والشيطان ، كما فعل أهل الكتاب : (وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ : هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ) [النحل ١٦ / ١١٦] ، وهو منهج أدعياء التجديد ، وتخطي الشريعة باسم الاجتهاد ، كما روى الشيخان : «لتتبعنّ سنن من قبلكم ، شبرا بشبر ، وذراعا بذراع ، حتى لو دخلوا جحر ضبّ لتبعتموهم ، قلنا : يا رسول الله ، اليهود والنصارى؟ قال : فمن؟».
وطريق الاجتهاد معروف في الشريعة : وهو النظر في القرآن والسّنة والإجماع نظرا صحيحا على أصول شرعية ، ثم القياس عليها ، أو الأخذ بالرأي الشامل للاستحسان والاستصلاح ونحوهما ، وهو الرأي المتفق مع روح الشريعة وأصولها ومبادئها العامة.
وقد أثير تساؤل حول هذه الآية ، مضمونه أن كلمة (إِنَّما) تفيد الحصر ، فقوله : (إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ) كذا وكذا يفيد الحصر ، والمحرّمات غير محصورة في هذه الأشياء.
وأجيب : بأن الجنايات محصورة في خمسة أنواع : أحدها ـ الجنايات على الأنساب ، وهي إنما تحصل بالزنى ، وهي المراد بقوله : (إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ). وثانيها ـ الجنايات على العقول ، وهي شرب الخمر ، وإليها الإشارة بقوله : (الْإِثْمَ). وثالثها ـ الجنايات على الأعراض. ورابعها ـ الجنايات على النفوس وعلى الأموال ، وإليهما الإشارة بقوله : (وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِ). وخامسها ـ الجنايات على الأديان ، وهي من وجهين : أحدها ـ الطّعن