في توحيد الله تعالى ، وإليه الإشارة بقوله : (وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ). وثانيها ـ القول في دين الله من غير معرفة ، وإليه الإشارة بقوله : (وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) فلما كانت أصول الجنايات هي هذه الأشياء ، وكانت البواقي كالفروع والتوابع ، جعل ذكر هذه المحرمات جاريا مجرى ذكر الكلّ ، فأدخل فيها كلمة : (إِنَّما) المفيدة للحصر (١).
فقه الحياة أو الأحكام :
دلّت هذه الآية كما اتّضح من تفسيرها على تحريم أصول الأعمال المحرّمة ، وهي تشمل الانحراف عن العقيدة (الشرك بالله) ومصادمة الشريعة : (القول في دين الله بغير علم ولا معرفة ، والجنايات على العقول (تحريم الإثم وهو يقع على جميع المعاصي وعلى الخمر أيضا لغة) بدليل قول الشاعر :
شربت الإثم حتى ضلّ عقلي |
|
كذاك الإثم يذهب بالعقول |
والإثم كما قال الحسن البصري : الخمر ، وقال الجوهري في الصحاح : وقد يسمى الخمر إثما. والجنايات على الأنساب (الزنى) والجنايات على النفوس والأموال (القتل والسرقة) والأعراض (القذف) وهو الظلم الاجتماعي والفردي المشار إليه بقوله تعالى : (وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِ).
ويظهر من ذلك أن أصول المحرّمات تتناول العقيدة والشريعة والأخلاق أو السلوك والآداب ، سواء ما تعلّق بالخطايا المقتصرة على النفس ، وهو الإثم ، والمتعدية ضررها إلى الناس وهو البغي.
__________________
(١) تفسير الرازي : ١٤ / ٦٧