الباب الرابع : في المبتدأ والخبر
المبتدأ : هو الاسم الصّريح ، أو المؤوّل به (١) ، المجرّد من العوامل اللّفظيّة ، غير الزائدة وشبهها (٢) ، مخبرا عنه (٣) أو وصفا رافعا لمستغنى به. والخبر : هو الجزء المنتظم منه مع المبتدإ جملة مفيدة ، نحو : الله واحد. وارتفاع المبتدأ بالابتداء ، وهو عامل معنويّ. وارتفاع الخبر بالمبتدأ ، وهو عامل لفظيّ.
(في هذا الباب مباحث)
المبحث الأول : في تعريف المبتدأ وتنكيره
الأصل في المبتدأ : أن يكون معرفة «لأنّه محكوم عليه» ؛ والمحكوم عليه يجب أن يكون معلوما ليكون الحكم مفيدا ، وذلك لأنّ الإخبار عن المجهول لا يفيد ، لتحيّر السّامع فيه ، فينفر عن الإصغاء إليه.
فإن أفادت النّكرة جاز الابتداء بها ، وذلك إذا دلّت على عموم ، أو دلّت على خصوص.
أمّا اختصاصها ، فيقرّبها من المعرفة.
وأمّا عمومها ، فيستغرق كلّ أفراد الجنس (لا فرد واحد منه) فتشبه المعرّف بأل الجنسيّة.
تخصيص النكرة التي يصح الابتداء بها بالمسوّغات الآتية (٤)
١ ـ الوصف لفظا ، نحو : عدوّ عاقل خبر من صديق جاهل أو الوصف تقديرا ،
__________________
(١) المبتدأ المؤول ، نحو : (وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ) أي وصومكم خير لكم.
(٢) الزائدة وشبهها لا عبرة بها فمن والباء في نحو : (هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ) وفي نحو : بحسبك درهم ، كعدمها ، فلا يعتدّ بها لأن الزائد في حكم الساقط ؛ فيكون المبتدأ في تلك الحالة مجرورا لفظا ، مرفوعا تقديرا.
(٣) فالمبتدأ نوعان : مبتدأ له خبر كالمثال المذكور ، ومبتدأ له مرفوع يغني عن الخبر ، كما إذا كان المبتدأ وصفا رافعا لاسم ظاهر ، أو لضمير منفصل يتم الكلام بكل منهما ، بشرط أن يكون مسبوقا ذلك الوصف بنفي حرفيّ ، أو فعليّ ، أو اسميّ ، نحو : أحافظ أنت درسك؟
أصائم أنتما؟ أفاهم أنتم؟ وسيأتي بيانه.
(٤) وقد ذكروا للابتداء بالنكرة مسوغات أخرى كثيرة ، أهمها :