تمهيد
علوم اللّغة العربيّة (١) عبارة عن اثني عشر علما ـ مجموعة في قوله :
نحو ، وصرف ، عروض ، ثمّ قافية |
|
وبعدها لغة ، قرض ، وإنشاء |
__________________
(١) أفضل العلوم ما كان زينة ، وجمالا لأهلها ، وعونا على حسن أدائها ، وهو علم العربية الموصّل إلى صواب النّطق ، المقيم لزيغ اللسان ، الموجب للبراعة ، المنهج لسبل البيان بجودة الإبلاغ ، المؤدّي إلى محمود الإفصاح ، وصدق العبارة عما تجنّه النفوس ويكنّه الضمير من كرائم المعاني وشرائفها. وما الإنسان لو لا اللسان؟!.
وقد قيل : «المرء تحت لسانه. والإنسان شطران : لسان وجنان». [كما في قول الشاعر :
[الطويل] :
لسان الفتى نصف ونصف فؤاده |
|
فلم يبق إلّا صورة اللّحم والدّم |
وقال عبد الحميد بن يحيى : سمعت شعبة يقول : تعلّموا العربية فإنها تزيد في العقل. وعن سليمان بن علي بن عبد الله بن عبّاس عن العباس. قال : قلت : يا رسول الله ما الجمال في الرجل؟ قال : فصاحة لسانه.
وقال عبد الملك بن مروان : اللّحن في الكلام أقبح من الجذريّ في الوجه. وأوصى بعض العرب بنيه فقال : يا بنيّ أصلحوا ألسنتكم فإن الرجل تنوبه النائبة فيتجمّل فيها فيستعير من أخيه دابّته ، ومن صديقه ثوبه ، ولا يجد من يعيره لسانه. وعن نفطويه عن أحمد بن يحيى قال [البسيط] :
إما تريني وأثوابي مقاربة |
|
ليست بخزّ ولا من حرّ كتّان |
فإنّ في المجد همّاتي وفي لغتي |
|
غلويّة ولساني غير لحّان |
وقال أبو هلال العسكري : علم العربية على ما تسمع من خاصّ ما يحتاج إليه الإنسان لجماله في دنياه ، وكمال آلته في علوم دينه ، وعلى حسب تقدّم العالم فيه وتأخّره يكون رجحانه ونقصانه إذا ناظر أو صنّف.
ومعلوم أنّ من يطلب الترسل وقرض الشّعر وعمل الخطب والمقامات ، كان محتاجا لا محالة إلى التوسع في علوم اللغة العربية.