فإذا خفّفت (إنّ) المكسورة الهمزة أهملت غالبا لزوال اختصاصها وتلزم لام الابتداء الخبر بعد المهملة ، فارقة بينها وبين (إن) النّافية (١) فإن وليها فعل ، كثر كونه من الأفعال النّأسخة ، نحو : وإن نظّنك لمن الكاذبين ، ونحو : (وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً) [البقرة : ١٤٣].
وإن وليها اسم ، فالأرجح إهمالها ويلزم دخول اللام على الخبر ، نحو : إن أنت لصادق ، وإن عليّ لشجاع. وتخفيف (إنّ) نادر الاستعمال.
وإذا خفّفت «أنّ» المفتوحة الهمزة ، بقيت عاملة وجوبا واسمها ضمير شأن محذوف وجوبا (٢) ولا يكون خبرها إلا جملة. فإن كانت الجملة فعليّة فعلها متصرف ، وجب فصلها عنه بما يفرق بينها وبين أن النّاصبة للفعل ، وذلك يكون إمّا «بقد» أو «بالسّين» أو «سوف» أو أحرف النّفي ، أو أدوات الشّرط ، نحو : عرفت أن قد حان الامتحان وأن سينجح أخوك وأن لن ينجح المتكاسلون وأن لو اجتهدتم لنجحتم وترك الفصل نادر ، نحو : قول الشاعر [الخفيف] :
علموا أن يؤملون فجادوا |
|
قبل أن يسألوا بأعظم سؤل |
وإن كانت الجملة اسميّة ، أو فعليّة ، صدرها فعل جامد ، أو دعاء استغنت عن
__________________
(١) يؤتى بهذه اللام تفرقة بين إن المخففة من الثقيلة ، وإن النافية.
ولذلك تسمى اللام الفارقة ، وإن أمن اللبس جاز تركها كقول الشاعر [الطويل] :
أنا ابن أباة الضّيم من آل مالك |
|
وإن مالك كانت كرام المعادن |
(٢) ضمير الشأن : ضمير غائب مفرد يكنى به عن الشأن ، أي الأمر الذي يراد الحديث عنه ، وقد يكنى به عن القصة ، فيقال له (ضمير القصة) فإذا قدر أن المراد به (الشأن) كان مذكرا. أو (القصة) كان مؤنثا ، نحو : هو الله أحد ، وهي الدنيا غرور.
ويجب في هذا الضمير أن يكون مقدما ، وهو لا يعود إلّا إلى ما بعده. ولا يكون إلّا مبتدأ ، أو معمولا لأحد النواسخ التي تدخل على المبتدأ. ولا يحتاج إلى رابط يربطه بالجملة التي بعده ، ولا يكون إلّا غائبا مفردا. ولا يستعمل إلّا حيث يراد التفخيم.
واعلم أن مفسر ضمير الشأن يجب أن يكون جملة متأخرة عنه ، وأن يكون لها محل من الإعراب ، ولا يعود منها ضمير إليه.
واعلم أن هذه الجملة لا تكون خبرا لضمير الشأن إلا بعد أفعال القلوب فتكون مفعولها الثاني ، وضمير الشأن مفعولها الأول.
وقد يأتي (نادرا) مفسر ضمير الشأن مفردا ، كما في قوله [الطويل] :
هو الحب فاسلم بالحشا ما الهوى سهل |
|
فما اختاره مضنى به وله عقل |