فقال لها : قولي : «ما أحسن السّماء»! وافتحي فاك.
ب ـ ومن ذلك ما سمعه أيضا أبو الأسود الدّؤلي من قارئ يقرأ قوله تعالى : (أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ) [التوبة : ٣] بجرّ رسوله ففزع من ذلك أبو الأسود ، وخاف على نضرة تلك اللغة من الذّبول ، وشبابها من الهرم ، وجمالها من التّشويه ، وكاد ينتشر هذا الشّبح المخيف مع أنّ ذلك كان في مبتدأ الدّولة العربيّة ، والقوم تزيد علاقاتهم كلّ يوم بالعجم ، فأدرك هذا الإمام «عليّ» كرّم الله وجهه ، وتلافى الأمر بأن وضع تقسيم «الكلمة» ، وأبواب «إنّ وأخواتها» والإضافة والإمالة ، والتعجّب ، والاستفهام ، وغيرها ، وقال لأبي الأسود الدّؤلي : «أنح هذا النّحو» ومنه جاء اسم هذا الفنّ ، فأخذه أبو الأسود ، وزاد عليه أبوابا أخر إلى أن حصل عنده ما فيه الكفاية.
ثم أخذه عن أبي الأسود نفر منهم : ميمون الأقرن ، ثم خلفهم جماعة ، منهم : أبو عمرو بن العلاء ، ثم بعدهم الخليل ، ثم سيبويه والكسائيّ ثم سار الناس فريقين : بصريّ وكوفيّ ، وما زالوا يتداولون ويحكمون تدوينه حتّى الآن ، فجزاهم الله أحسن الجزاء.
النحو
للنّحو «لغة» معان كثيرة ، أهمّها :
القصد والجهة ، كنحوت نحو المسجد.
والمقدار ، كعندي نحو ألف دينار.
والمثل والشّبه ، كسعد نحو سعيد (أي مثله أو شبهه).
والنّحو : في اصطلاح العلماء هو : قواعد يعرف بها أحوال أواخر الكلمات العربيّة التي حصلت بتركيب بعضها مع بعض من إعراب وبناء وما يتبعهما (١).
__________________
(١) يرى جمهرة العلماء أنّ الصرف جزء من النحو لا علم مستقلّ بذاته. وعلى هذا يقال : النحو قواعد يعرف بها صيغ الكلمات العربية وأحوالها حين إفرادها وحين تركيبها ، فمعرفة صيغ الكلمات كما يقال : اسم الفاعل من الثلاثي بزنة فاعل واسم المفعول بزنة مفعول ، إلى غير ذلك.
ومعرفة أحوالها حين الإفراد كطريق التثنية والجمع والتّصغير والنّسب.
ومعرفة الأحوال حين التركيب كرفع الاسم إذا كان فاعلا ، ونصبه إذا كان مفعولا ، وجرّه