إذ هي لفظة تتضمن مدحا وتشريفا. ورد الرازي على ذلك باستبعاد هذا القول ؛ لأنه يترتب عليه التكرار ، فتصير الآية : ويحل لهم المحللات ، وبه تخرج الآية عن الفائدة ؛ لأنا لا ندري أن الأشياء التي أحلها الله ما هي وكم هي؟
بل الواجب أن يكون المراد من الطيبات : الأشياء المستطابة بحسب الطبع ، وذلك لأن تناولها يفيد اللذة ، والأصل في المنافع الحل فكانت هذه الآية دالة على أن الأصل في كل ما تستطيبه النفس ويستلذه الطبع السليم الحل ، إلا لدليل. وهذا مذهب الشافعي أن الطيبات هي من جهة الطعم.
واحتج بهذه الآية بعض العلماء الذين ذهبوا إلى أن المرجع في حل المآكل التي لم ينص على تحليلها ولا تحريمها إلى ما استطابته العرب في حال رفاهيتها. وكذا في جانب التحريم إلى ما استخبثته.
٦ ـ (وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ) : أي يمنعهم من اقتراب المستخبثات وهي كل ما يستخبثه الطبع وتستقذره النفس ، ويكون تناوله سببا للألم ، والأصل في المضار الحرمة. ومقتضاه : أن كل ما يستخبثه الطبع فالأصل فيه الحرمة إلا لدليل.
والخبائث في مذهب مالك هي المحرمات ، ويقتضي ذلك أنه أحل المتقذرات كالحيات والعقارب والخنافس ونحوها. وقد عرفنا وجه الضعف في ذلك ، وأن مذهب الشافعي هو تحريم المحرمات والمتقذرات ، فتحرم العقارب والخنافس والوزغ ونحوها.
٧ ـ (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ) أي يرفع عن بني إسرائيل التكاليف والأحكام الشاقة التي كانت مقررة عليهم ، مثل تحريم الغنائم ، وتحريم مجالسة الحائض وقرض موضع النجاسة ، والقصاص من القاتل بلا دية ، وقتل النفس علامة للتوبة ، فكانوا إذا جمعوا الغنائم نزلت نار من السماء