وقال الجمهور : يقضى من الزكاة دين الميت ؛ لأنه من الغارمين ؛ قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أنا أولى بكل مؤمن من نفسه : من ترك مالا فلأهله ، ومن ترك دينا أو ضياعا (١) فإليّ وعلي» (٢).
٧ ـ وفي سبيل الله : وهم في رأي الجمهور الغزاة المجاهدون الذين لا حق لهم في ديوان الجند ، يعطون ما ينفقون في غزوهم ، كانوا أغنياء أو فقراء ؛ لأن السبيل عند الإطلاق هو الغزو ، وهو المستعمل في القرآن والسنة. وأما من له شيء مقدر في الديوان فلا يعطى ؛ لأن من له رزق راتب يكفيه ، فهو مستغن به. ولا يحج أحد بزكاة ماله ، ولا يغزو بزكاة ماله ، ولا يحج بها عنه ، ولا يغزى بها عنه ، لعدم الإيتاء المأمور به. وعلى هذا الرأي : لا يعطى الجيش الحالي من الزكاة لأن الجنود والضباط تصرف لهم اليوم رواتب شهرية دائمة ، وإنما يمكن المساهمة عند الضرورة أو الحاجة العامة في شراء السلاح ، أو إعطاء المتطوعة في الجهاد.
وقال أبو حنيفة : لا يعطى الغازي في سبيل الله إلا إذا كان فقيرا.
وقال أحمد في أصح الروايتين عنه : الحج من سبيل الله ، فيعطى مريد الحج من الزكاة ؛ لما روى أبو داود عن ابن عباس : «أن رجلا جعل ناقة في سبيل الله ، فأرادت امرأته الحج ، فقال لها النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : اركبيها ، فإن الحج من سبيل الله» وأجاب الجمهور بأن الحج سبيل الله ، ولكن الآية محمولة على الجهاد ، قال مالك : سبل الله كثيرة ، وقال ابن العربي : ولكني لا أعلم خلافا في أن المراد بسبيل الله هاهنا الغزو ، ومن جملة سبيل الله ، إلا ما يؤثر عن أحمد وإسحاق فإنهما قالا : إنه الحج.
__________________
(١) الضياع : مصدر ضاع ، فسمي العيال بالمصدر ، كما تقول : من مات وترك فقرا ، أي فقراء.
(٢) رواه أحمد والشيخان والنسائي والترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة رضياللهعنه ، وهو صحيح.