إنهم أشبهوا قوم فرعون بالكفر والمعصية وإنكار وجود الله ووحدانيته ، وتكذيب الرسل ، وتبديل الجحود والعناد بالنعمة المستحقة للشكر.
إن مظهر تغيير آل فرعون ومشركي مكة نعمة الله عليهم ، كان مقابلة الإله المنعم بجحوده وإنكاره وعبادة الأصنام ، فسلبوا الخيرات التي أنعم الله عليهم ، من ثمار كثيرة في مصر ، وجلب الأرزاق لأهل مكة ، وقد تتغير الحال المسخوطة إلى أسخط منها ، فلما بعث إليهم الرسل ، كذبوهم وعادوهم وهموا بقتلهم ، فغير الله حالهم إلى أسوأ مما كانت ، وغير ما أنعم به عليهم من الإمهال إلى التعجيل بالعذاب.
معاملة من نقض العهد ومن ظهرت منه بوادر النقض
(إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٥٥) الَّذِينَ عاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لا يَتَّقُونَ (٥٦) فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (٥٧) وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ (٥٨) وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ (٥٩))
الإعراب :
(الَّذِينَ عاهَدْتَ مِنْهُمْ) بدل من قوله (الَّذِينَ كَفَرُوا) أي الذين عاهدت من الذين كفروا. وقوله : (مِنْهُمْ) للتبعيض.
(فَانْبِذْ) فعل أمر هو جواب الشرط ، وفيه حذف تقديره : فانبذ إليهم العهد وقابلهم على إعلام منك لهم ، وفي هذه الآية من لطيف الحذف والاختصار ما يدل على فصاحة القرآن وبلاغته. (عَلى سَواءٍ) حال متساوية في العلم بنقض العهد.