فلا تعاتبوهم ولا تؤنبوهم على قعودهم مع الخالفين من النساء وأمثالهم.
فأعرضوا عنهم ولا توبخوهم ، احتقارا لهم ؛ لأنهم رجس أي قذر معنوي ، وخبث نجس بواطنهم واعتقاداتهم ، لا يقبلون التطهير ، وهذا علة الإعراض وترك المعاتبة.
ومأواهم في آخرتهم جهنم ، جزاء بما كانوا يكسبون في الدنيا من الآثام والخطايا. وهذا من تمام التعليل ، وكأنه قال : إنهم أرجاس من أهل النار ، لا ينفع فيهم التوبيخ في الدنيا والآخرة.
ثم أعلمنا الله تعالى بأن أيمانهم الكاذبة التي يحلفونها هي مجرد استرضاء لكم ، لتستديموا في معاملتهم كأهل الإسلام.
وإنكم إن رضيتم عنهم ، فلا ينفعهم رضاكم ، إذا كانوا في سخط الله وبصدد عقابه ، بسبب فسقهم ، أي خروجهم عن طاعة الله وطاعة رسوله ، فليكن همهم إرضاء الله ورسوله ، لا إرضاؤكم ، كما قال تعالى : (يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ ، وَهُوَ مَعَهُمْ) [النساء ٤ / ١٠٨] وقال سبحانه : (لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللهِ ، ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ) [الحشر ٥٩ / ١٣].
وهذا إرشاد إلى منع المؤمنين من الرضا عنهم ، والاغترار بأيمانهم الكاذبة ، وكفى بالله شهيدا ، وكفى بالله عليما ومعلما للمؤمنين طريق الاستقامة والصواب ومواقف الحزم والسداد.
ونظرا لأهمية هذه المعاني أعيدت هنا مرة أخرى ، ويكون الكلام شاملا مناهج المنافقين كلهم ، سواء كانوا من أهل الحضر وهم من سبق أو من أهل البادية ، وهم المقصودون هنا.