لِلرَّحْمنِ وَلَداً. وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً. إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً. لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا. وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً) [مريم ١٩ / ٨٨ ـ ٩٥].
ثم توعد الله تعالى الكاذبين عليه المفترين ، ممن زعم أن له ولدا بأنهم لا يفلحون ، مما يدل على أن هذا المذهب افتراء على الله ونسبة لما لا يليق به إليه : (قُلْ : إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ ...) أي قل لهم أيها الرسول : إن الذين يختلقون على الله الكذب بنسبة الشريك إليه ، أو باتخاذ الولد ، لا يفلحون ولا يفوزون أبدا ، في الدنيا ولا في الآخرة. أما في الدنيا فيستدرجهم ويمتعهم قليلا ، وأما في الآخرة فيضطرهم إلى عذاب غليظ شديد ، كما قال تعالى : (مَتاعٌ فِي الدُّنْيا) أي لهم تمتع في الدنيا قليل لمدة قصيرة (ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ) ثم بعد الموت يرجعون إلى ربهم بالبعث يوم القيامة ، وما فيه من أهوال الحشر والحساب (ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذابَ الشَّدِيدَ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ) أي ثم يلقون الشقاء المؤبد ويعذبون في نار جهنم العذاب الموجع المؤلم الغليظ أي الشديد ، بسبب كفرهم وافترائهم وكذبهم على الله ، فيما ادعوه من الإفك والزور.
وفي هذا دلالة واضحة على الخسارة المحققة للكافرين ، فإن ما يتوهمون أنه نجاح في الدنيا بالحصول على المنافع المادية والمعنوية ، لا قيمة له أصلا في مقابلة ما فاتهم في الآخرة من ثواب عظيم ونعيم مقيم في جنان الخلد ، فإن الدنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة.
فقه الحياة أو الأحكام :
تضمنت الآيات أمرين : الأول ـ بطلان القول بنسبة الولد لله تعالى بالأدلة القاهرة ، وبانعدام الدليل على صحة هذا القول. والثاني ـ ظهور أن هذا المذهب افتراء على الله ونسبة لما لا يليق به إليه.