٤ ـ إن أداء الصّلاة في البيوت التي أمر الله بني إسرائيل فيها خوفا من أذى الأعداء أمر مشروع لا شكّ فيه. وكذلك تكتل الفئات القليلة في مواجهة طغيان الظالمين كفرعون أمر مطلوب سياسة ، إذا جرينا على القول بأن البيوت هي مساكن للاعتصام فيها ، لأن ذلك أدى إلى نجاة بني إسرائيل من ظلم فرعون.
٥ ـ دلّ إيمان الطائفة القليلة برسالة موسى عليهالسلام وتقديمهم في دعائهم عدم الفتنة على النّجاة على أن اهتمامهم بأمر دينهم كان فوق اهتمامهم بأمر دنياهم ، فإنهم قالوا أولا : (رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) ، ثم قالوا : (وَنَجِّنا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ) (الْكافِرِينَ). فهذا الترتيب يدلّ على تفضيلهم أمر الدّين على أمر الدّنيا.
ـ ٤ ـ
دعاء موسى على فرعون وملئه
(وَقالَ مُوسى رَبَّنا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوالاً فِي الْحَياةِ الدُّنْيا رَبَّنا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ (٨٨) قالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما فَاسْتَقِيما وَلا تَتَّبِعانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ (٨٩))
الإعراب :
(لِيُضِلُّوا) اللام للعاقبة وهي متعلقة ب (آتَيْتَ) ، ويحتمل أن تكون للعلة ؛ لأن إيتاء النّعم على الكفر استدراج وتثبيت على الضّلال.
(فَلا يُؤْمِنُوا) إما منصوب أو مجزوم ، الجزم : على أنه دعاء عليهم. والنّصب : إما لأنه معطوف على (لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ) ، أو على جواب الدّعاء أو جواب الأمر بالفاء بتقدير أن.