(وَهِيَ ظالِمَةٌ) حال من القرى.
البلاغة :
(مِنْها قائِمٌ وَحَصِيدٌ) استعارة مكنية ، شبه الباقي من آثار القرى بعد تدميرها بالزرع القائم على ساقه ، وشبه ما دمّر مع أهله بالزرع المحصود.
(وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) بينهما طباق السلب.
(إِذا أَخَذَ الْقُرى) مجاز مرسل ، أطلق المحل وأراد الحالّ وهو أهل القرى.
المفردات اللغوية :
(ذلِكَ) النبأ المذكور سابقا. (مِنْ أَنْباءِ الْقُرى) المهلكة. (نَقُصُّهُ عَلَيْكَ) مقصوص عليك يا محمد. (مِنْها) أي من تلك القرى. (قائِمٌ) باق كالزرع القائم ، وهلك أهله دونه. (وَحَصِيدٌ) أي ومن القرى زال أثره وهلك بأهله ، فلا أثر له كالزرع المحصود بالمناجل.
(وَما ظَلَمْناهُمْ) بإهلاكهم بغير ذنب. (وَلكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) بالشرك الذي عرضوها به للعذاب. (فَما أَغْنَتْ عَنْهُمْ) فما نفعتهم ولا قدرت أن تدفع عنهم ، بل ضرتهم. (آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ) التي يعبدون. (مِنْ دُونِ اللهِ) أي غيره. (مِنْ شَيْءٍ) من صلة زائدة. (لَمَّا جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ) حين جاءهم عذابه ونقمته. (وَما زادُوهُمْ) بعبادتهم لها. (غَيْرَ تَتْبِيبٍ) غير هلاك أو تخسير.
(وَكَذلِكَ) ومثل ذلك الأخذ. (إِذا أَخَذَ الْقُرى) أي أهلها. (وَهِيَ ظالِمَةٌ) بالذنوب ، فلا يغني عنهم من أخذهم شي. (إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) ووجيع غير مرجوّ الخلاص منه ، وهو مبالغة في التهديد والتحذير.
المناسبة :
المناسبة ظاهرة بين هذه الآيات وما قبلها من الآيات ، فبعد أن ذكر الله تعالى قصص الأنبياء مع الأمم السابقة (وهي سبع قصة نوح ، وهود ، وصالح ، وإبراهيم ، ولوط ، وشعيب ، وموسى عليهالسلام) قال منبها إلى ما فيها من العظة والعبرة : (ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْقُرى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ ، مِنْها قائِمٌ وَحَصِيدٌ).
فيتعلم منها الإنسان أسلوب الجدال ومقارعة الحجة بالحجة ، وتأييد الأدلة