وأما ما يذكر في المذاهب لأقصى مدة الحمل (أربع سنين عند الشافعية والحنابلة ، وخمس سنين عند المالكية ، وسنتان عند أبي حنيفة) فمستنده الاستقراء وأخبار الناس ، والناس قد يخطئون أو يتوهمون وجود الحمل في فترة زمنية ما ، وليس في ذلك أي نص شرعي ثابت.
(وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ) أي وكل شيء عنده تعالى بأجل معين ، أو بقدر واحد ، لا يزيد عنه ولا ينقص ، كقوله : (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ) [القمر ٥٤ / ٤٩]. وجاء في الحديث الصحيح الذي رواه الجماعة عن أسامة بن زيد : أن إحدى بنات النبي صلىاللهعليهوسلم بعثت إليه أن ابنا لها في الموت ، وأنها تحب أن يحضره ، فبعث إليها يقول : «إن لله ما أخذ ، وله ما أعطى ، وكل شيء عنده بأجل مسمى ، فمروها فلتصبر ولتحتسب».
(عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) أي يعلم كل شيء غائب عن العباد لا تدركه أبصارهم ، ومشاهد لهم مرئي ، ولا يخفى عليه منه شيء ، الكبير الذي هو أكبر من كل شيء ، المتعال على كل شيء ، قد أحاط بكل شيء علما ، أي شمل علمه كل شيء ، وقهر كل شيء ، فخضعت له الرقاب ، ودان له العباد طوعا وكرها.
ويلاحظ أن هذه الآية استوفت بيان كمال علم الله تعالى ، ففي مطلع الآية الذي هو كلام مستأنف أوضح تعالى أنه عالم بالجزئيات والمفردات ، ثم ذكر أنه عالم بمقادير الأشياء وحدودها لا تتجاوزها ولا تقتصر عليها ، وخصص كل حادث بوقته بعينه وبحالة معينة بمشيئته الأزلية وإرادته السرمدية ، ثم أضاف أنه عالم بأشياء خفية لا يعلمها إلا هو ، وهي أشياء جزئية من خفايا علمه ، فهو يعلم الباطن والظاهر ، والغائب : وهو ما غاب عن الحس ، والشاهد : وهو ما حضر للحس ، ثم ذكر أن علمه محيط بجميع الأشياء ، لا فرق فيه بين الخفي السرّ أو الظاهر المعلن فقال : (سَواءٌ مِنْكُمْ ..) أي أنه تعالى محيط علمه بجميع خلقه ، وأنه سواء منهم من أسرّ قوله وأخفاه أو جهر به وأعلنه ، فإنه يسمعه لا يخفى عليه