(لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ) بينهما جناس ناقص.
المفردات اللغوية :
(أَفَمَنْ يَخْلُقُ) هو الله سبحانه وتعالى. (كَمَنْ لا يَخْلُقُ) كلّ ما عبد من دون الله تعالى من الملائكة وعيسى والأصنام. وغلّب فيه أولو العلم منهم ، وأجريت الأصنام مجرى أولي العلم ؛ لأنهم سمّوها آلهة ، ومن حقّ الإله أن يعلم. (أَفَلا تَذَكَّرُونَ) تتعظون ، فتعرفوا فساد ذلك ، فإنه لجلائه كالحاصل للعقل الذي يستحضره بأدنى تذكّر والتفات. والمراد بالآية إنكار التسوية بين الخالق والمخلوق ، بعد إقامة الدلائل المتكاثرة على كمال قدرة الله تعالى وتناهي حكمته وتفرده بالخلق.
(لا تُحْصُوها) لا تضبطوها ، فضلا عن أن تطيقوا شكرها. (إِنَّ اللهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) حيث ينعم عليكم مع تقصيركم وعصيانكم. (وَاللهُ يَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ) من عقائدكم وأعمالكم ، وهو وعيد وتزييف للشرك باعتبار العلم.
(وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) وهم الأصنام. (وَهُمْ يُخْلَقُونَ) ينحتون ويصورون من الحجارة وغيرها ، فهي مفتقرة الوجود إلى التخليق ، والإله ينبغي أن يكون واجب الوجود. (أَمْواتٌ) لا روح فيهم. (غَيْرُ أَحْياءٍ) تأكيد. (وَما يَشْعُرُونَ) لا يعلمون ، أي الأصنام. (أَيَّانَ) وقت. (يُبْعَثُونَ) أي لا يشعرون بزمان بعثهم أو بعث عبدتهم الخلق ، فكيف يعبدون؟ إذ لا يكون إلها إلا الخالق الحيّ العالم بالغيب ، المقدّر للثواب والعقاب ، وفيه تنبيه على أن البعث من توابع التكليف.
(إِلهُكُمْ) المستحقّ للعبادة منكم (إِلهٌ واحِدٌ) لا نظير له في ذاته ولا في صفاته ، وهو الله. تعالى ، وهذا تكرير للمدّعى بعد إقامة الحجج. (قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ) جاحدة للوحدانية.
(مُسْتَكْبِرُونَ) متكبّرون عن الإيمان بها. (لا جَرَمَ) حقّا. (أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ) فيجازيهم بذلك. (إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ) أي يعاقبهم.
المناسبة :
بعد ذكر الدلائل الدّالة على وجود الإله القادر الحكيم ، مع بيان أنواع نعم الله تعالى ، ذكر الله تعالى خواص الألوهية : وهي الخلق والإبداع ، وعلم السّرّ والعلن ، والحياة الدائمة ، مما يدلّ على أن العبادة لا تليق إلا بالمنعم الأعظم ، ويدلّ على إبطال عبادة غير الله تعالى ، ثم ذكر تعالى أسباب الإشراك : وهي تحجر القلوب وإنكار التوحيد ، فبقي أصحابه على الجهل والضّلال ، علما بأن أشدّ