إلى الأنعام أن لبن الفحل يفيد التحريم ؛ لأنه جيء به مذكرا لأنه راجع إلى ذكر النعم ، واللبن محسوب للذكر.
٣ ـ في هذه الآية دليل على جواز الانتفاع بالألبان من الشرب وغيره ، فأما لبن الميتة فلا يجوز الانتفاع به ؛ لأنه مائع طاهر في وعاء نجس ؛ لأن ضرع الميتة نجس ، واللبن طاهر ، فإذا حلب صار مأخوذا من وعاء نجس. وأما لبن المرأة الميتة فهو طاهر ؛ لأن الإنسان طاهر حيا وميتا ، وقيل : إنه نجس لتنجسه بالموت.
٤ ـ وفي هذه الآية أيضا دليل على استعمال الحلاوة والأطعمة اللذيذة وتناولها ، ولا يقال : إن ذلك يناقض الزهد أو يباعده ، ولكن إذا أخذ من غير سرف ولا إكثار.
٥ ـ اللبن غذاء كامل يغذي الطفل مدة من الزمن وينمي الجسد ، روى أبو داود وغيره عن ابن عباس رضياللهعنهما قال : أتي رسول الله صلىاللهعليهوسلم بلبن فشرب ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إذا أكل أحدكم طعاما فليقل : اللهم بارك لنا فيه ، وأطعمنا خيرا منه ، وإذا سقي لبنا ، فليقل : اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه ، فإنه ليس شيء يجزي عن الطعام والشراب إلا اللبن».
٦ ـ ومن منافع النبات ما يدل أيضا على القدرة الإلهية ، فقد أخرج الله لنا من ثمرات النخيل والأعناب الرزق الحسن : وهو ما أحله من ثمرتيهما على الطبيعة ، والسّكر هو النبيذ ، وهذا قبل التحريم النهائي البات له ، في رأي الجمهور ، فالنبيذ (وهو عصير العنب والزبيب والتمر إذا طبخ حتى يذهب ثلثاه ، ثم يترك حتى يشتد) حرام عندهم ، لإسكاره ، وقول النبيصلىاللهعليهوسلم فيما رواه العقيلي عن علي ، والنسائي عن ابن عباس : «حرّم الله الخمر بعينها والسّكر من غيرها» والصواب أنه موقوف على ابن عباس.
وهو حلال عند أبي حنيفة رحمهالله ما لم يصل إلى حد السّكر ، محتجا بهذه