والمقصود : النّهي عن العود إلى الكفر بسبب كثرة الكفار وكثرة أموالهم.
ومن أمثلة الوفاء بالعهد : أن معاوية كان بينه وبين ملك الروم أمد ، فسار معاوية إليهم في آخر الأجل ، حتى إذا انقضى ، وهو قريب من بلادهم ، أغار عليهم ، وهم غارّون ـ غافلون ـ لا يشعرون ، فقال له عمرو بن عنبسة : الله أكبر يا معاوية ، وفاء لا غدر ، سمعت رسول اللهصلىاللهعليهوسلم يقول : «من كان بينه وبين قوم أجل ، فلا يحلنّ عقدة حتى يمضي أمدها» فرجع معاويةرضياللهعنه بالجيش.
(إِنَّما يَبْلُوكُمُ اللهُ بِهِ) أي إنما يعاملكم معاملة المختبر ، بأمره إياكم بالوفاء بالعهد ، لينظر أتغترون بالكثرة والقلّة أم تراعون العهد؟!
(وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ ..) أي وليبينن لكم ربّكم يوم القيامة ما كنتم تختلفون فيه ، من أمر الإيمان والكفر ، والوفاء بالعهد والنّقض ، فيجازي كلّ عامل بعمله من خير أو شرّ ، وهذا إنذار وتحذير من مخالفة ملّة الإسلام ، التي من أهمّ أحكامها وجوب الوفاء بالعهد.
والله قادر على جمعهم على الإيمان وعلى الوفاء بالعهد ، فقال : (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً ..) أي ولو شاء الله لجعل الناس على ملّة واحدة أو دين واحد ، بمقتضى الفطرة والغريزة ، فتصبحون كالملائكة مخلوقين على منهج الطاعة والانقياد لأمر الله تعالى ، فلا اختلاف ولا تباغض ولا شحناء ، وإنما وفاق بينكم.
ولكن حكمة الله اقتضت خلقكم متفاوتين في الكسب ، كسب الإيمان والتزام الأحكام ، مختارين الاعتقاد والعمل ، فيضلّ من يشاء ممن سبق في علمه أنه سيختار الضّلال ، ويهدي من يشاء ممن علم في الأزل أنه سيفعل الخير ويختار الإيمان.