أما الرسول فحماه أبو طالب ، وأما أبو بكر فحماه قومه ، وأخذ الآخرون وألبسوا دروع الحديد ، ثم أجلسوا في الشمس ، فبلغ منهم الجهد بحرّ الشمس والحديد ، وأتاهم أبو جهل يشتمهم ويوبخهم ، ويشتم سمية ، ثم طعنها بحربة في ملمس العفة.
عاقبة كفران النّعم في الدنيا
(وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ (١١٢) وَلَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ وَهُمْ ظالِمُونَ (١١٣))
الإعراب :
(قَرْيَةً) بدل من (مَثَلاً).
(وَهُمْ ظالِمُونَ) الجملة حال.
البلاغة :
(قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً) المراد أهلها على سبيل المجاز المرسل ، لأجل أنها مكان الأمن وظرف له ، والظروف توصف بما حل فيها.
(فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ) استعارة مكنية في أذاقها ، حذف منها المشبه به ، شبه ذلك اللباس لكراهته بالطعام المرّ ، وحذف المشبه به ، ورمز إليه بشيء من لوازمه ، وهو الإذاقة ، على طريق الاستعارة المكنية ، أي أنه استعار الذوق لإدراك أثر الضرر ، واللباس لما غشيهم واشتمل عليهم من الجوع والخوف ، وأوقع الإذاقة عليه ، نظرا إلى المستعار له.
المفردات اللغوية :
(وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً) أي وجعلها مثلا لكل قوم أنعم الله عليهم ، فأبطرتهم النعمة ، فكفروا ، فأنزل الله بهم النقمة ، أو لمكة (قَرْيَةً) هي مكة ، والمراد أهلها ، وقال الرازي : والأقرب أنها غير مكة ؛ لأنها ضربت مثلا لمكة ، وهو غير مكة. (آمِنَةً) من الغارات ، لا تهاج. (مُطْمَئِنَّةً)