ونظير الآية قوله : (ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا ، وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً ، وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) [آل عمران ٣ / ٦٧].
٥ ـ شاكرا لأنعم الله عليه ، والأنعام وإن كان جمع قلة إلا أن المراد به أنه كان شاكرا لجميع نعم الله إن كانت قليلة ، فبالأولى الكثيرة ، وهذا كما قال تعالى : (وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى) [النجم ٥٣ / ٣٧] أي قام بجميع ما أمره الله تعالى به. وهذا تعريض بكل من جحد بأنعم الله مثل قريش وغيرهم.
٦ ـ إنه اجتباه ربه ، أي اختاره واصطفاه للنبوة ، كما قال : (وَلَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ ، وَكُنَّا بِهِ عالِمِينَ) [الأنبياء ٢١ / ٥١].
٧ ـ إنه هداه إلى صراط مستقيم ، أي في الدعوة إلى الله والترغيب في الدين الحق ، والتنفير عن الدين الباطل ، كما قال تعالى : (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً) [الأنعام ٦ / ١٥٣].
٨ ـ وآتاه الله في الدنيا حسنة ، أي إن الله حببه إلى جميع الخلق ، فكل أهل الأديان يقرّون به ، سواء المسلمون واليهود والنصارى ، أما كفار قريش وسائر العرب ، فلا فخر لهم إلا به ، وهذا إجابة لدعائه إذ قال : (وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ) [الشعراء ٢٦ / ٨٤].
٩ ـ وإنه في الآخرة لمن الصالحين أي في زمرتهم ، تحقيقا لدعائه (رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) [الشعراء ٢٦ / ٨٣] وكونه مع الصالحين لا ينفي أن يكون من أعلى مقامات الصالحين ؛ لقوله سبحانه : (وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ ، نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ) [الأنعام ٦ / ٨٣].
وبعد تعداد هذه الصفات العالية لإبراهيم عليهالسلام ، أمر الله نبيه باتباعه ، فقال : (ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ ..) وبناء على كماله وصحة توحيده