وهناك معيّة عامة بالسمع والبصر والعلم ، كقوله تعالى : (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ ، وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [الحديد ٥٧ / ٤] وقوله : (وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا) [المجادلة ٥٨ / ٧].
فقه الحياة أو الأحكام :
يستنبط من الآيات الأحكام التالية :
١ ـ على من يدعو الناس إلى دين الله اتباع أحد هذه الطرق الثلاث : وهي الحكمة ، والموعظة الحسنة ، والمجادلة بالطريق الأحسن.
وعلى الداعية أيضا أن يكون شجاعا في الحق ، فلا يهن ، صارما في الصدق ، فلا يضعف ، مخلصا متفانيا في مبدئه ، فلا يبيعه بزخارف الدنيا وزينتها ، ولا يتطلع إلى ما في أيدي الناس. وأن يصبر في دعوته ؛ جاءت قريش إلى أبي طالب عم النبي صلىاللهعليهوسلم ، وعرضوا عليه أن يأخذ محمدصلىاللهعليهوسلم ما شاء من مال ، ويترك ما يدعو إليه ، فذكر أبو طالب للنبي صلىاللهعليهوسلم ذلك ، فبكى وقال:
«يا عمّ ، والله لو وضعوا الشمس في يميني ، والقمر في يساري ، على أن أترك هذا الأمر ، ما تركته ، حتى يظهره الله ، أو أهلك دونه».
٢ ـ لا يتعلق حصول الهداية بالداعية ، فهو تعالى أعلم بالضالين ، وأعلم بالمهتدين.
٣ ـ العقاب يكون بالمثل دون زيادة ، فالمظلوم منهي عن استيفاء الزيادة من الظالم.
واختلف العلماء فيمن ظلمه رجل في أخذ مال ، ثم ائتمن الظالم المظلوم على مال ، هل يجوز له خيانته في القدر الذي ظلمه ، فقالت فرقة : له ذلك ، محتجين بهذه الآية وعموم لفظها : (وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ).