فيشمل المطر والبحر والأنهار ، وأما التراب فيفهم من كلمة الأرض ، وأما الحرارة فمن الشمس ، وأما الهواء فهو أساس حياة الإنسان والحيوان والنبات ، وكان واسطة تسيير الفلك في البحار.
التفسير والبيان :
تتابع الآيات التنبيه إلى أدلة أخرى لإثبات الذات الإلهية من حركة الكون وعالم النبات ، والبحار ، والجبال ، وبدأ بعالم النبات الذي يتسبب بإنزال المطر من السماء ، فقال سبحانه : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ..) أي إن الذي خلق السموات والأرض والإنسان والأنعام والدواب ، هو الذي هيّأ ظروف الحياة للإنسان بإنزال المطر من السماء ، فجعله عذبا زلالا يسوغ لكم شرابه ، ولم يجعله ملحا أجاجا ، وأخرج به شجرا ترعون فيه أنعامكم ، وأنبت به لكم زرعا وزيتونا ونخيلا وأعنابا ، ومن كل الثمرات على اختلاف أصنافها وألوانها وطعومها وروائحها وأشكالها ، رزقا لكم تستطيعون به تحقيق قوام الحياة ، والمراد بالشجر هنا : النبات مطلقا ، سواء كان له ساق أم لا ، كما نقل عن الزجاج ، وهو حقيقة في الأول ويستعمل في الثاني بمعنى الكلأ ؛ لأنه الذي يعلف.
(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً ..) أي في ذلك المذكور كله من إنزال الماء والإنبات لدلالة وحجة على أنه لا إله إلا الله ، لقوم يتعظون ويتفكرون في تلك الأدلة ؛ لأنه لا مبدع ولا موجد لها غير الله الخالق الأحد ، المستحق للتمجيد والعبادة ، كما قال تعالى : (أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ ، وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً ، فَأَنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ ، ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها؟ أَإِلهٌ مَعَ اللهِ؟ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ) [النمل ٢٧ / ٦٠].
ثم نبّه الله تعالى على آياته الكونية العظام ، ممتنا بنعمه عليكم ، فقال : (وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ ..) أي وصير لكم ما ينفعكم من تعاقب الليل والنهار للنوم والاستراحة والسعي وكسب المنافع وقضاء المصالح ، ودوران الشمس والقمر للإنارة وانتفاع الإنسان والحيوان والنبات بالحرارة والضوء ومعرفة عدد السنين