(لِنُرِيَهُ) فيه التفات عن الغيبة إلى التكلم ، لتعظيم تلك البركات الدينية والدنيوية والآيات.
(وَآتَيْنا مُوسَى) التفات أيضا عن الغيبة إلى الحضور.
المفردات اللغوية :
(سُبْحانَ) اسم علم كعثمان للرجل بمعنى التسبيح (المصدر) الذي هو التنزيه عن كل صفات العجز والنقص ، مما لا يليق بجلال الله وكماله (أَسْرى) وسرى : سار بالليل خاصة ، وكان ذلك قبل الهجرة بسنة ، وحكمة الإسراء لبيت المقدس : أنه مجمع أرواح الأنبياء ، وموطن نزول الوحي على الرسل والأنبياء ، فشرفه الله بزيارته ، وصلى بالأنبياء إماما. (بِعَبْدِه) محمد صلىاللهعليهوسلم ، والعبد يشمل الروح والجسد معا ، وقد وصفه الله هنا بالعبودية ؛ لأنه أشرف المقامات ، كما وصفه في مقام الوحي بالوصف نفسه : (فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى) [النجم ٥٣ / ١٠] وكذلك وصفه بالوصف ذاته في مقام الدعوة : (وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللهِ يَدْعُوهُ) [الجن ٧٢ / ١٩].
(لَيْلاً) فائدة ذكره : الإشارة بتنكيره إلى تقليل مدته (مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) أي مسجد مكة بعينه ؛ لما روي أنه عليه الصلاة والسلام قال : «بينا أنا في المسجد الحرام في الحجر عند البيت بين النائم واليقظان ، إذ أتاني جبريل بالبراق». أو المراد به الحرم المكي كله أي مكة ، وسماه المسجد الحرام ؛ لأن كله مسجد ، لما روي أنه صلىاللهعليهوسلم كان نائما في بيت أم هانئ ، بعد صلاة العشاء ، فأسري به ورجع من ليلته ، وقص القصة عليها ، وقال : «مثل لي النبيون ، فصليت بهم».
(الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى) بيت المقدس ، ووصف بالأقصى ، لبعده بالنظر لمن هو في الحجاز (الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ) ببركات الدين والدنيا ؛ لأنه مهبط الوحي ، ومتعبد الأنبياء من لدن موسى عليهالسلام ، ومحفوف بالأنهار والأشجار والثمار (لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا) عجائب قدرتنا ، كذهابه في برهة من الليل ، مسيرة شهر ، ومشاهدته بيت المقدس ، وتمثل الأنبياء عليهمالسلام له ، ووقوفه على مقاماتهم (السَّمِيعُ) لأقوال النبي صلىاللهعليهوسلم (الْبَصِيرُ) بأفعاله ، فيكرمه ويقربه على حسب ذلك ، فاجتمع بالأنبياء ، وعرج إلى السماء ، ورأى عجائب الملكوت ، وناجى ربه تعالى.
وقال ابن عطية : هذا وعيد من الله للكفار على تكذيبهم محمدا صلىاللهعليهوسلم في أمر الإسراء ، أي هو السميع لما تقولون ، البصير بأفعالكم.
(وَآتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ) التوراة (أَلَّا تَتَّخِذُوا) أي لئلا تتخذوا ، أو بألا تتخذوا ، أو على ألا تتخذوا ، ومن قرأ بالياء فهو بمعنى : لئلا يتخذوا (وَكِيلاً) ربا أو كفيلا يفوضون إليه أمرهم ، دون غيره (مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ) في السفينة (إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً) كثير الشكر ، يحمد الله تعالى في جميع أحواله.