ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ) [سبأ ٣٤ / ٢٠] ، أو علم من طبع البشر تركب الشهوة فيهم ، أو بنى كلامه على قول الملائكة : (أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ) [البقرة ٢ / ٣٠].
والظاهر أن المأمور بالسجود لآدم هم جميع الملائكة في الأرض والسماء ، وسجد الملائكة لآدم من أول ما كملت حياته.
٢ ـ كان جواب الحقّ تبارك وتعالى في غاية الإهانة والتّحقير ، فقال له : (اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ ...) الآية ، أي اجهد جهدك فقد أنظرناك ، فمن أطاعك من ذرية آدم ، فجزاؤكم جميعا جهنّم.
واستزلّ واستخفّ بدعوتك إلى معصية الله تعالى ، واجمع عليهم كل ما تقدر عليه من مكايدك ، واجعل لنفسك شركة في الأموال بإنفاقها في معصية ، وفي الأولاد بجعلهم أولاد الزّنى ، وعدهم الأماني الكاذبة ، وأنه لا قيامة ولا حساب.
ولكن عبادي المؤمنين الصالحين لا سلطان ولا تسلّط لك عليهم. وكفى بالله عاصما من القبول من دعاوى إبليس ، وحافظا من كيده وسوء مكره.
٣ ـ قال القرطبي : دلّت آية (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ) على تحريم المزامير والغناء واللهو ؛ لأن صوته : كلّ داع يدعو إلى معصية الله تعالى ، وكلّ ما كان من صوت الشيطان أو فعله وما يستحسنه فواجب التّنزه عنه. وروى نافع عن ابن عمر أنه سمع صوت زمّارة ، فوضع أصبعيه في أذنيه ، وعدل راحلته عن الطريق وهو يقول : يا نافع ، أتسمع؟ فأقول : نعم ، فمضى حتى قلت له : لا ، فوضع يديه وأعاد راحلته إلى الطريق ، وقال : رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم سمع صوت زمّارة راع ، فصنع مثل هذا (١).
__________________
(١) تفسير القرطبي : ١٠ / ٢٩٠