وباء (بِإِمامِهِمْ) متعلقة بندعو ؛ لأن كل إنسان يدعى بإمامه يوم القيامة ، أو متعلقة بمحذوف في موضع الحال ، أي يوم ندعو كل أناس مختلطين بإمامهم.
(وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى) هو من عمى القلب ، ولو كان من عمى العين ، لقال : فهو في الآخرة أشد عمى ؛ لأن عمى العين شيء ثابت كاليد والرجل ، فلا يتعجب منه إلا بأشد أو نحوه من الثلاثي. وأفعل : الذي للتفضيل يجري مجرى التعجب.
البلاغة :
(كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) استعارة ، استعار الإمام الذين يتقدم الناس في الصلاة لكتاب الأعمال ، لملازمته الإنسان وتقدمه يوم القيامة.
(وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً) استعارة تمثيلية ، أي لا ينقصون من ثواب أجورهم ولو بمقدار خيط شق النواة ، وهو مثل للقلة.
(فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى) تفصيل بعد إجمال ، بعد ذكر كتاب الأعمال.
المفردات اللغوية :
(يَوْمَ نَدْعُوا) اذكر يوم ندعو ، وهو يوم القيامة. (بِإِمامِهِمْ) بمن ائتموا به من نبي أو مقدم في الدين ، أو كتاب ، أو دين ، فيقال : يا أتباع فلان ، يا أهل دين كذا ، وكتاب كذا ، وقيل : بكتاب أعمالهم ، فيقال : يا أصحاب كتاب الخير ، ويا أصحاب كتاب الشر ، كقوله تعالى : (وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ) [يس ٣٦ / ١٢] (فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ) أي فمن أوتي منهم كتابه بيمينه ، وهم السعداء أولو البصائر في الدنيا. (فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ) قيل أولئك ؛ لأن من أوتي في معنى الجمع ، وخص أصحاب اليمين بقراءة كتابهم لشعورهم بالسعادة ، فهم يقرءون كتابهم أحسن قراءة وأبينها ولا يقنعون بقراءتهم وحدهم ، حتى يقول القارئ لأهل المحشر : (هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ) [الحاقة ٦٩ / ١٩] وأما أصحاب الشمال فكأنهم لا يقرءون كتابهم ، لعجزهم عن النطق السوي والقول الصحيح ، بسبب ما ينتابهم أمام العقاب من حياء وخجل وانخزال وحبس لسان وتعتعة.
(وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً) ولا ينقصون من ثواب أعمالهم أدنى شيء ، كقوله تعالى : (وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً) [مريم ١٩ / ٦٠] (فَلا يَخافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً) [طه ١٠ / ١١٢] والفتيل : الخيط المستطيل في شقّ النواة. وهو يضرب به المثل في الشيء الحقير التافة القليل ، ومثله : النقير والقطمير.