يضع حافره عند منتهى طرفه ـ قال : فركبته حتى أتيت بيت المقدس ، فربطته بالحلقة التي يربط بها الأنبياء ، ثم دخلت المسجد ، فصليت فيه ركعتين ، ثم خرجت ، فجاءني جبريلعليهالسلام بإناء من خمر ، وإناء من لبن ، فاخترت اللبن ، فقال جبريل عليهالسلام : اخترت الفطرة ، ثم عرج بنا إلى السماء ..» الحديث.
وروى مسلم أيضا حديثا آخر عن أبي هريرة رضياللهعنه أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم صلى بالأنبياءعليهمالسلام وفيه : «.. فأممتهم ، فلما فرغت من الصلاة ، قال لي قائل : يا محمد ، هذا مالك صاحب النار ، فسلّم عليه ، فالتفت إليه ، فبدأني بالسلام».
٢ ـ كان الإسراء بالروح والجسد يقظة راكبا البراق ، لا في الرؤيا والمنام ، بدليل نص الآية (بِعَبْدِهِ) وهو مجموع الروح والجسد ، ولو كان مناما لقال : «بروح عبده» ولم يقل: (بِعَبْدِهِ) ، وقوله تعالى : (ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى) [النجم ٥٣ / ١٧] يدل على ذلك ، ولو كان مناما لما كانت فيه آية ولا معجزة ، ولما قالت له أم هانئ : لا تحدّث الناس فيكذبوك ، ولا فضّل أبو بكر بالتصديق ، ولما أمكن قريشا التشنيع والتكذيب ، وقد كذبته قريش فيما أخبر به ، حتى ارتدّ أقوام كانوا آمنوا ، فلو كان بالرؤيا لم يستنكر (١).
وأما المعراج أو العروج إلى السموات وإلى ما فوق العرش ، فلا تدل هذه الآية عليه ، وإنما تدل عليه أوائل سورة النجم (٢).
والخلاصة : إن تلك الرؤيا لمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم كانت رؤيا عيان ، لا رؤيا منام.
__________________
(١) تفسير القرطبي : ١٠ / ٢٠٨ ـ ٢٠٩.
(٢) تفسير الرازي : ٢٠ / ١٥٣.