وتاريخ الإسراء مختلف فيه ، والظاهر أنه كان قبل الهجرة إلى المدينة بسنة.
ولا خلاف بين العلماء وأهل السير أن الصلاة إنما فرضت بمكة ليلة الإسراء حين عرج بالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى السماء ، وذلك منصوص عليه في صحيحي البخاري ومسلم وغيرهما (١). وإنما اختلفوا في هيئتها حين فرضت ، فروى البخاري ومسلم ومالك وأبو داود والنسائي عن عائشة رضياللهعنها قالت : «فرض الله الصلاة ـ حين فرضها ـ ركعتين ، ثم أتمها في الحضر ، وأقرت صلاة السفر على الفريضة الأولى».
وروى مسلم وأبو داود والنسائي عن عبد الله بن عباس رضياللهعنهما قال : «فرض الله الصلاة على لسان نبيكم في الحضر أربعا ، وفي السفر ركعتين ، وفي الخوف ركعة».
٣ ـ إن المقصود من الإسراء والمعراج أن يري الله نبيه الآيات العظمى الدالة على وجوده ووحدانيته وقدرته ، ومن تلك الآيات : الجنة والنار وأحوال السموات والكرسي والعرش ، فيصبح العالم في عينه حقيرا أمام عظمة الكون ، وتقوى نفسه على احتمال المكاره والجهاد في سبيل الله. ومن تلك الآيات التي أراه الله العجائب التي أخبر بها النبي الناس ، وإسراؤه في ليلة ، وعروجه إلى السماء ، ووصفه الأنبياء واحدا واحدا ، كما ثبت في صحيح مسلم وغيره.
كما أن في الإسراء من مكة إلى بيت المقدس الإشارة إلى وحدة الأنبياء في الرسالة والهدف والتوجه إلى الله تعالى وحده ، وإن اختلفت القبلتان ، وتمايزت الشرائع ، وتمادى الزمان في فترات إرسال الأنبياء عليهمالسلام ، فهم من أولهم آدم عليهالسلام إلى خاتمهم محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم دعاة إلى توحيد الله وعبادته وإلى إصلاح
__________________
(١) جامع الأصول : ٦ / ١٣١.