وقيل : في جنوب تركيا من بلاد الروم سابقا ، وكلها أقوال يعوزها الدليل.
قدرة الله تعالى وعنايته ولطفه :
(ذلِكَ مِنْ آياتِ اللهِ) أي إن بقاء هؤلاء الفتية في الكهف سنين عديدة ، وما صنعه الله بهم من تنحية الشمس عنهم عند الطلوع والغروب ، بانعكاس أشعتها وتقليص وهجها عنهم ، آية من آيات الله العجيبة الكثيرة الدالة على كمال قدرته وسعة علمه ، وعلى أنه تعالى يصون المخلصين من عباده ، وأن التوحيد دين الحق ، وأن عبادة الأصنام والأوثان ضلال وشرك وزيغ ، وأن صون أهل الكهف بلطف من الله وعناية منه ، لذا قال :
(مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ) أي من يوفقه الله تعالى للاهتداء بآياته وحججه ، ويدله دلالة مؤدية إلى الحق ، ويوفقه إلى ما يحبه ويرضاه ، كأهل الكهف ، فهو المهتدي إلى طريق الحق ، الفائز بالحظ الأوفر في الدارين.
والمراد من ذلك إما الثناء على أصحاب الكهف والشهادة لهم بإصابة المطلوب ، أو التنبيه على أن أمثال هذه الآيات كثيرة ، ولكن السعيد من وفقه الله تعالى للتأمل بها والاستبصار بها والاهتداء بها (١). والخلاصة : أن الله هو الذي أرشد هؤلاء الفتية إلى الهداية.
(وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً) أي ومن يضلل الله بأن لم يوفقه للاهتداء بآياته ، لسوء اختياره واستعداده ، وتوجيه رأيه إلى جادة الانحراف ، فلن تجد له أبدا حليفا أو ناصرا معينا يرشده ويهديه إلى الخير وطرق الصلاح في الدنيا والآخرة ، ولا هادي له ، كأمثال الكفرة منكري البعث ؛ لأن التوفيق والخذلان بيد الله ، يوفق من يشاء ويخذل من يشاء.
__________________
(١) تفسير الألوسي : ١٥ / ٢٢٣ ـ ٢٢٤