(فَلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزْكى طَعاماً ، فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ) أي فليبصر أي الأطعمة أجود وأنفع وأطيب وأيسر سعرا ، فليأتكم بمقدار مناسب منه.
(وَلْيَتَلَطَّفْ وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً) أي وليكن لطيفا رفيقا في الطلب وفي خروجه ودخوله المدينة ، وفي شرائه ، ولا يخبرن أو لا يعلمن أحدا من أهل المدينة بمكانكم.
(إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ) أي إن أصحاب دقيانوس الملك إن اطلعوا على مكانكم ، يقتلوكم بالرجم بالحجارة ، أو يجبروكم ويكرهوكم على العودة إلى دينهم ـ دين الوثنية وعبادة الأصنام.
(وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً) أي وإن وافقتموهم على العود إلى ملتهم أو دينهم ، فلا فلاح لكم أبدا في الدنيا والآخرة.
اطلاع الناس عليهم :
(وَكَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ ..) أي وكما أنمناهم ثم بعثناهم ، أطلعنا الناس عليهم وعلى أحوالهم ، وهم أولئك الذين كان لديهم شك في قدرة الله على إحياء الموتى ، وفي البعث ، وفي أمر القيامة ، فبعث الله أهل الكهف حجة ودلالة وآية على ذلك ، وليدركوا ويعلموا أن وعد الله بالبعث حق وصدق وثابت ، وأن حدوث الساعة أي القيامة أمر لا شك فيه ، فمن شاهد حال أهل الكهف علم صحة الخبر وصدق وعد الله بالبعث ؛ لأن حالهم في نومتهم ، وانتباهتهم بعدها كحال من يموت ثم يبعث.
وسمى إعلام الناس بهم إعثارا ؛ لأن من غفل عن شيء ثم عثر به ، نظر إليه وعرفه ، فكان الإعثار سببا في العلم ، والمعنى : أعثرنا عليهم حين يتنازعون بينهم.