عَتِيدٌ) [ق ٥٠ / ١٧ ـ ١٨]. (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ ، كِراماً كاتِبِينَ ، يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ) [الانفطار ٨٢ / ١٠ ـ ١٢].
والآية تدل على إثبات صغائر وكبائر في الذنوب ، وهذا متفق عليه بين المسلمين.
(وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً) أي ووجد الناس ما عملوا مثبتا في كتابهم ، من خير أو شر ، وقيل : جزاء ما عملوا ، كما قال تعالى : (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً ، وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ) [آل عمران ٣ / ٣٠] وقال سبحانه : (يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ) [القيامة ٧٥ / ١٣].
(وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً) ليس في حكم الله أي ظلم لخلقه ؛ إذ مبدأ الثواب والعقاب مما يقتضيه العدل الإلهي المطلق ، حتى يكافأ المحسن ، ويجازى المسيء ، بل إنه تعالى بمقتضى رحمته يعفو ويصفح ، ويغفر ويرحم ، ويعذب من يشاء من خلقه بقدرته وحكمته وعدله ، فيخلّد الكفار في نار جهنم ، ويعذب العصاة فيها ، ثم ينجّيهم منها ، وحكمه في كل حال العدل ، وهو الحاكم الذي لا يجور ولا يظلم ، فلا يكتب على إنسان ما لم يعمل ، ولا يزيد في عقاب المستحق ، أو يعذبه بغير جرم.
ونحو الآية : (إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ ، وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها) [النساء ٤ / ٤٠] ، (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ ، فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً ، وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها ، وَكَفى بِنا حاسِبِينَ) [الأنبياء ٢١ / ٤٧].
وهذه الآية تبين خاتمة مراحل الحساب بين يدي الله ، القائم على مبدأ : أن الجزاء من جنس العمل ، وأن صحائف أعمال الناس تشمل الحسنات والسيئات.