المناسبة :
هذه هي المرة السادسة لذكر قصة آدم في القرآن ، بعد البقرة ، والأعراف ، والحجر ، والإسراء ، والكهف.
ومناسبة هذه الآيات لما قبلها أنه بعد أن عظم أمر القرآن ، وأبان ما فيه من الوعيد لتربية التقوى والعظة والعبرة ، أردفه بقصة آدم ، للدلالة على أن طاعة بني آدم للشيطان أمر قديم ، وأنهم ينسون الأوامر الإلهية ، كما نسي أبوهم آدم. ثم ذكر إباء إبليس السجود لآدم للتحذير من هذا العدو الذي أخرج بوساوسه آدم من الجنة ، ثم بين جزاء المطيع للهدي الإلهي ، وجزاء المعرض عنه ، وأنه سيحشر أعمى عن الحجة التي تنقذه من العذاب ، بسبب إعراضه في الدنيا عن الآيات البينات التي تهديه إلى سبيل الرشاد.
التفسير والبيان :
(وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ ، فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) أي وو الله لقد وصينا آدم بألا يأكل من الشجرة ، فنسي ما عهد الله به إليه ، وترك العمل بمقتضى العهد ، فأكل من تلك الشجرة ، ولم يكن عنده قبل ذلك عزم وتصميم على ذلك ؛ إذ كان قد صمم على ترك الأكل ، ثم فتر عزمه ، عند ما وسوس إليه إبليس بالأكل ، فلم يصبر عن أكل الشجرة.
روى ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : إنما سمي الإنسان ؛ لأنه عهد إليه ، فنسي. والمراد بالعهد : أمر من الله تعالى أو نهي منه ، والمراد هنا : عهدنا إليه ألا يأكل من الشجرة ولا يقربها. والآية دليل على أن النسيان وعدم العزم هما سبب العصيان ، وأن التذكر وقوة العزم هما سبب الخير والرشد.
ثم ذكر الله تعالى خلق آدم وتكريمه وتشريفه ، فقال :