الشيء ، كالحبر للدواة (لِكَلِماتِ رَبِّي) لكلمات علمه وحكمته ومعلوماته غير المتناهية ، بأن تكتب به (لَنَفِدَ الْبَحْرُ) في كتابتها (تَنْفَدَ) تفرغ (وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ) أي بمثل البحر (مَدَداً) زيادة فيه ، لنفد ، ولم تفرغ هي.
(أَنَا بَشَرٌ) آدمي (يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ) يأمل ويطمع حسن لقائه بالبعث والجزاء.
والرجاء : تأمل شيء سارّ في المستقبل ، و (لِقاءَ رَبِّهِ) هو البعث وتوابعه. (فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً) يرتضيه الله (وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ) أي بأن يرائي في عبادته ، أو يطلب منه أجرا.
سبب النزول :
نزول الآية (١٠٩):
(قُلْ : لَوْ كانَ الْبَحْرُ) : أخرج الحاكم وغيره عن ابن عباس قال : قالت قريش لليهود : أعطونا شيئا نسأل عنه هذا الرجل ، فقالوا : سلوه عن الروح ، فسألوه ، فنزلت : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ، قُلِ : الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي ، وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً). وقالت اليهود : أوتينا علما كثيرا ، أوتينا التوراة ، ومن أوتي التوراة ، فقد أوتي خيرا كثيرا ، فنزلت : (قُلْ : لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي) الآية.
نزول الآية (١١٠):
(فَمَنْ كانَ يَرْجُوا) : أخرج ابن أبي حاتم وابن أبي الدنيا في كتاب الإخلاص عن طاوس قال : قال رجل : يا رسول الله ، إني أقف أريد وجه الله ، وأحب أن يرى موطني ، فلم يرد عليه شيئا ، حتى نزلت هذه الآية : (فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ ، فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً ، وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) خبر مرسل ، وأخرجه الحاكم في المستدرك موصولا عن طاوس عن ابن عباس ، وصححه على شرط الشيخين (البخاري ومسلم).
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : كان رجل من المسلمين يقاتل ، وهو يحب أن يرى مكانه ، فأنزل الله : (فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ) الآية.