السلام ، فقال : إن شئت كان الذي سألك قومك ، ولكنه إن كان ، ثمّ لم يؤمنوا ، لم ينظروا ، وإن شئت استأنيت بقومك ، قال : بل أستأني بقومي ، فأنزل الله : (ما آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها ، أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ).
التفسير والبيان :
ينبه الله تعالى على اقتراب الساعة ودنوها فيقول : (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ ..) أي قرب زمان حساب الناس على أعمالهم في الدنيا ، وهو اقتراب الساعة ، ولكن الناس في حياتهم ساهون غافلون ، لاهون معرضون عن التأهب للحساب ، والتفكر بالآخرة ، بالمبادرة إلى الإيمان.
والمراد بالناس في رأي ابن عباس المشركون منكرو البعث ، بدليل قوله تعالى : (إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ) إلى قوله : (أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ) وذلك للإشارة إلى أن البعث لا ريب فيه.
والظاهر أن لفظ الآية يتناول عموم الناس ، وإن كان المشار إليه في ذلك الوقت كفار قريش ، بدليل ما بعد ذلك من الآيات ، فتكون الآية لوقف الأطماع ، والحث على الإقبال على الإيمان ، فمن علم اقتراب الساعة ، بادر إلى التوبة ، ولم يركن إلى الدنيا ، فكل آت قريب ، والموت لا محالة آت ، وموت كل إنسان قيام ساعته ، والقيامة أيضا قريبة بالنسبة إلى ما مضى من الزمان. قال الرازي : يجب أن يكون المراد بالناس من له مدخل في الحساب وهم المكلفون ، دون من لا مدخل له.
روي أن رجلا من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان يبني جدارا ، فمرّ به آخر في يوم نزول هذه السورة ، فقال الذي كان يبني الجدار : ماذا نزل اليوم من القرآن؟ فقال الآخر : نزل : (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ ، وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ