والتفهم لمعاني القرآن ، وقد تناجوا فيما بينهم بالتكذيب ، وتشاوروا ، فما صدر عن مشاوراتهم أعجب من موقفهم ، فوصفوا محمدا صلىاللهعليهوسلم بأنه ساحر ، وبأن ما أتى به سحر ، وقالوا : فكيف تجيئون إليه وتتبعونه ، وأنتم تشاهدون أنه إنسان مثلكم؟!
٧ ـ أطلع الله نبيه صلىاللهعليهوسلم على ما تناجوا به ، وأعلمهم بأن الله لا يخفى عليه شيء مما يقال في السماء والأرض ، فسواء أسروا القول أم جهروا به ، فإن الله به عليم.
٨ ـ صور القرآن الكريم اضطراب كفار قريش وترددهم وحيرتهم في وصف النبي محمدصلىاللهعليهوسلم وفي وصف القرآن بأشد أنواع الاستهجان ، فقالوا : إنه ساحر وما أتى به سحر ، ثم قالوا : إن ما أتى به أخلاط كالأحلام المختلطة ، رآها في المنام ، ثم قالوا : إنه افتراء ، ثم قالوا : إنه شاعر ، فهم متحيرون لا يستقرون على شيء ، قالوا مرة : سحر ومرة أضغاث أحلام ، ومرة افتراء ، ومرة شاعر.
ثم عدلوا عن ذلك إلى المطالبة بالآيات على صدق نبوته كالآيات التي ظهرت على يد موسى كالعصا واليد ، ومثل ناقة صالح ، ومثل إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص بوساطة عيسى ، وإنما كان سؤالهم تعنتا ، فقد أعطاهم الله ما فيه الكفاية.
٩ ـ اقتضت حكمة الله ورحمته تأخير العذاب عن الكفار المنكرين للبعث ولبعثة محمد صلىاللهعليهوسلم ، إذ لو أجابهم تعالى إلى مطلبهم ، لعجل لهم عذاب الاستئصال ، كما فعل بأهل القرى المتقدمين مثل قوم صالح وقوم فرعون ، فإنهم ما آمنوا بالآيات ، فاستؤصلوا ، فلو رأى هؤلاء ما اقترحوا لما آمنوا ؛ لما سبق من القضاء في علم الله بأنهم لا يؤمنون أيضا ؛ وإنما تأخر عقابهم لعلمه تعالى بأن في أصلابهم من يؤمن.