روى ابن جرير والترمذي وابن أبي حاتم وعبد بن حميد عن أبي هريرة عن النبيصلىاللهعليهوسلم قال : «إن الحميم ليصبّ على رؤوسهم ، فينفذ الجمجمة ، حتى يخلص إلى جوفه ، فيسلت ما في جوفه ، حتى يبلغ قدميه ، وهو الصّهر ، ثم يعاد كما كان».
(وَلَهُمْ مَقامِعُ مِنْ حَدِيدٍ) أي لهم مضارب أو سياط من حديد ، يضربون بها على وجوههم ورؤوسهم وأعضائهم وأجسادهم. أخرج الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «لو أن مقمعا من حديد وضع في الأرض ، فاجتمع له الثقلان ، ما أقاموه من الأرض». وأخرج عن أبي سعيد أيضا قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لو ضرب الجبل بمقمع من حديد لتفتت ، ثم عاد كما كان ، ولو أن دلوا من غسّاق يهراق في الدنيا لأنتن أهل الدنيا».
(كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ ...) أي كلما حاولوا الهرب من جهنم بسبب شدة العذاب والغم ، أي الحزن الشديد ، أعيدوا فيها كما كانوا ، ويقال لهم : ذوقوا العذاب المحرق ، وعذاب هذه النار المحرقة. قال الفضيل بن عياض : والله ما طمعوا في الخروج ، إن الأرجل لمقيدة ، وإن الأيدي لموثقة ، ولكن يرفعهم لهبها ، وتردهم مقامعها.
وقوله : (وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ) كقوله : (وَقِيلَ لَهُمْ : ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) [السجدة ٣٢ / ٢٠] ومعنى الكلام : أنهم يهانون بالعذاب قولا وعملا.
وبعد بيان سوء حال الكافرين وما هم فيه من العذاب والنكال ، والحريق والأغلال ، ذكر تعالى حسن أهل الجنة ، فقال :
(إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ..) أي إن الله يدخل المؤمنين الذين يعملون الصالحات أي الطاعات والقربات ، ويتجنبون المنكرات